responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 498


وشبهت المرأة بالأرض لأن كليهما يمد الوجود الإنسانى بأسباب بقائه ، فالزوجة تمده بعناصر تكوينه ، والأرض تمده بأسباب حياته .
و * ( أَنَّى شِئْتُمْ ) * بمعنى كيف شئتم ، أو متى شئتم في غير وقت الحيض .
والمعنى : نساؤكم هن مزرع لكم ومنبت للولد ، أعدهن اللَّه لذلك كما أعد الأرض للزراعة والإنبات ، فأتوهن إذا تطهرن من الحيض في موضع الحرث كيف شئتم مستلقيات على ظهورهن أو غير ذلك ما دمتم تؤدون شهوتكم في صمام واحد وهو الفرج .
وفي هذه الجملة الكريمة إشعار بأن المقصد الأول من الزواج إنما هو النسل ، ويشير إلى ذلك قوله * ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) * إذ من شأن الحرث الصالح الإنتاج وإشعار كذلك بما شرعه اللَّه للزوجين من مؤانسة ومباسطة ويشير إلى ذلك قوله - تعالى - : * ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) * .
ويرى صاحب الكشاف أن التشبيه بين ما يلقى في الأرحام من النطفة وبين البذر الذي يلقى في الأرض من حيث إن كلا منهما ينمو في مستودعه ويكون به البقاء والتوالد ، فقد قال - رحمه اللَّه - :
* ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) * مواضع الحرث لكم . وهذا مجاز شبهن بالمحارث تشبيها لما يلقى في أرحامهن من النطف التي منها النسل بالبذور ، وقوله : * ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) * تمثيل ، أى فأتوهن كما تأتون أراضيكم التي تحرثونها من أى جهة شئتم ، لا تحظر عليكم جهة دون جهة .
والمعنى : جامعوهن من أى شق أردتم بعد أن يكون المأتى واحدا وهو موضع الحرث .
ثم قال : وقوله - تعالى - : * ( هُوَ أَذىً ، فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ ) * وقوله * ( مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه ) * وقوله * ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) * من الكنايات اللطيفة والتعريضات الحسنة . وهذه وأشباهها في كلام اللَّه آداب حسنة على المؤمنين أن يتعلموها ويتأدبوا بها ويتكلفوا مثلها في محاورتهم ومكاتبتهم .
فإن قلت : ما موقع قوله * ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) * مما قبله ؟ قلت : موقعه موقع البيان والتوضيح لقوله : * ( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه ) * يعنى أن المأتى الذي أمركم اللَّه به هو مكان الحرث ترجمة له وتفسيرا ، أو إزالة للشبهة ودلالة على أن الغرض الأصيل في الإتيان هو طلب النسل لا قضاء الشهوة فلا تأتوهن إلا من المأتى الذي يتعلق به هذا الغرض » « 1 » .
ثم ختم اللَّه - تعالى - الآية بقوله : * ( وقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ ، واتَّقُوا اللَّه واعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوه وبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) * .
أى : عليكم أيها المؤمنون أن تقدموا في حاضركم لمستقبلكم من الأعمال الصالحة ما ينفعكم


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 صفحة 266 .

498

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 498
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست