responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 471


وبذلك نرى أن القرآن الكريم لا ينكر على الناس مشاعرهم الطبيعية ، وأحاسيسهم الفطرية من كراهية للقتال ، ولكنه يربى نفوسهم على الاستجابة لأوامر اللَّه العليم بالغايات المطلع على العواقب ، الخبير بما فيه خيرهم ومصلحتهم ، وبهذه التربية الحكيمة بذل المؤمنون نفوسهم وأموالهم في سبيل رضا خالقهم عن طواعية واختيار ، لا عن قسر وإجبار .
وبعد أن حرض اللَّه - تعالى - المؤمنين على بذل أموالهم وأنفسهم في سبيله عقب ذلك ببيان حكم القتال في الأشهر الحرم فقال - تعالى - : * ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيه ، قُلْ قِتالٌ فِيه كَبِيرٌ ) * . . . إلخ .
وقد ذكر كثير من المفسرين ومن أصحاب السير في سبب نزول هذه الآية قصة ملخصها : أن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بعث عبد اللَّه بن جحش ومعه اثنا عشر رجلا كلهم من المهاجرين ، وأعطاه كتابا مختوما وأمره ألا يفتحه إلا بعد أن يسير يومين ، ثم ينظر فيه فيمضى لما أمره به ولا يستكره أحدا من أصحابه . فسار عبد اللَّه يومين ثم فتح الكتاب فإذا فيه « إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل بنخلة - مكان بين مكة والطائف - فترصد بها عيرا لقريش وتعلم لنا من أخبارهم » .
فقال عبد اللَّه : سمعا وطاعة ! ! وأخبر أصحابه بذلك وأنه لا يستكرههم فمن أحب الشهادة فلينهض ومن كره الموت فليرجع فأما أنا فناهض ! فنهضوا جميعا ، فلما كانوا في أثناء الطريق أضل سعد بن أبى وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما يعتقبانه . فتخلفا في طلبه ، ومضى عبد اللَّه ببقية أصحابه حتى وصلوا نخلة فمرت عير لقريش في طريقها لمكة وكانت في حراسة عمرو بن الخضرمي وعثمان بن المغيرة ، وأخوه نوفل والحكم بن كيسان . فتشاور المسلمون وقالوا : نحن في آخر يوم من رجب . لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن في الحرم فليمتنعن منكم به ، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام ! ! فترددوا وهابوا الإقدام عليهم ، ثم شجعوا أنفسهم عليهم ، وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم ، فرمى « واقد بن عبد اللَّه » عمرو بن الحضرمي يسهم فقتله ، وأسروا عثمان والحكم ، وأفلت منهم نوفل فأعجزهم .
وقيل كان ذلك في أول ليلة من رجب وقد ظنوها آخر ليلة من جمادى ، فإقدامهم على ما أقدموا عليه كان على سبيل الخطأ .
ثم أقبل عبد اللَّه ومن معه بالعير والأسيرين حتى قدموا على رسول اللَّه وقد عزلوا من ذلك الخمس فأنكر رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ما فعلوه وقال لهم : « ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام » وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا . وقالت قريش قد استحل محمد وأصحابه القتال في الشهر الحرام ، واشتد ذلك على المسلمين ، حتى أنزل اللَّه تعالى قوله : * ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ

471

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 471
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست