responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 42


واليقين . ولا نقص أنقص مما للباطل والشبه .
وقيل لبعض العلماء : فيم لذتك ؟ فقال : في حجة تتبختر اتضاحا ، وفي شبهة تتضاءل افتضاحا . ثم أخبر عنه بأنه هدى للمتقين ، فقرر بذلك كونه يقينا لا يحوم الشك حوله ، وحقا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ثم لم تخل كل واحدة من الأربع - بعد أن رتبت هذا الترتيب الأنيق - من نكتة ذات جزالة . ففي الأولى الحذف والرمز إلى الغرض بألطف وجه وأرشقه . وفي الثانية ما في التعريف من الفخامة ، وفي الثالثة ما في تقديم الريب على الظرف ، وفي الرابعة الحذف « 1 » . . .
ثم فصل القرآن بعد ذلك أوصاف المتقين ، ومدحهم بجملة من المناقب الحميدة ، فقال :
* ( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) * أى : يصدقون بما غاب عن حواسهم ، كالصانع وصفاته ، وكاليوم الآخر وما فيه من بعث وحساب وثواب وعقاب .
والإيمان لغة التصديق والإذعان ، وهو إفعال من الأمن . وشرعا التصديق بما علم بالضرورة أنه من الدين ، كالايمان باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر . . . إلخ ، وعدى * ( يُؤْمِنُونَ ) * بالباء لتضمينه معنى أقر واعترف .
والغيب : مصدر غاب يغيب ، وكثيرا ما يستعمل بمعنى الغائب ، وهو الظاهر من هذه الآية الكريمة . ومعناه : ما لا تدركه الحواس ، ولا يعلم ببداهة العقل .
قال بعض العلماء : وخص بالذكر الإيمان بالغيب دون غيره من متعلقات الإيمان ، لأن الإيمان بالغيب هو الأصل في اعتقاد إمكان ما تخبر به الرسل عن وجود اللَّه والعالم العلوي ، فإذا آمن به المرء تصدى لسماع دعوة الرسول وللنظر فيما يبلغه عن اللَّه - تعالى - فسهل عليه إدراك الأدلة ، وأما من يعتقد أنه ليس من وراء عالم الماديات عالم آخر ، فقد راض نفسه على الإعراض عن الدعوة ، كما هو حال الماديين الذين يقولون : « ما يهلكنا إلا الدهر « 2 » :
والإيمان بالغيب : يستلزم التصديق به على وجه الجزم ، وهو لا يحصل إلا عن دليل .
ولا شك أن قيام البراهين على صدق من أخبر بالغيب يجعل المؤمن بهذا الغيب مصدقا عن دليل ، فنحن لا نحتاج في الإيمان بالملائكة والكتب السماوية السابقة ، والرسل الذين أرسلوا من قبل ، والبعث وما فيه من ثواب وعقاب ، لا نحتاج في الإيمان بكل ذلك إلى دليل زائد على الأدلة التي قامت على صدق نبينا محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم .
والإيمان بالغيب دليل على اتساع العقول ، وسلامة القلوب ، إذ أن معنى الإيمان بالغيب هو


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 36 . ( 2 ) تفسير التحرير والتنوير ج 1 ص 118 للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور .

42

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست