responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 41


أساطير الأولين ، لأنه لروعة حكمته ، وسطوع حجته ، لا يرتاب ذو عقل متدبر في كونه وحيا سماويا ، ومصدر هداية وإصلاح .
فالجملة الكريمة تنفى الريب في القرآن عمن شأنهم أن يتدبروه ، ويقبلوا على النظر فيه بروية ، ومن ارتاب في القرآن فلأنه لم يقبل عليه بأذن واعية ، أو بصيرة نافذة ، أو قلب سليم .
وقدم جملة * ( لا رَيْبَ فِيه ) * على جملة * ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) * لأنه أراد أن ينفى عن ساحة كونه كتابا هاديا غبار الريب ، وغيوم الشكوك ، حتى يستقر في النفوس وصفه ، وتطمئن القلوب لآثاره ومقاصده وهداياته .
وفصل جملة * ( لا رَيْبَ فِيه ) * عما قبلها لكمال الاتصال ، حيث كانت جملة * ( ذلِكَ الْكِتابُ ) * مفيدة لكماله ، وجملة * ( لا رَيْبَ فِيه ) * مفيدة لنفى الريب عنه .
والمراد بكونه * ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) * مع أنه هداية لهم ولغيرهم ، لأنهم هم المنتفعون به دون سواهم .
قال تعالى : قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وشِفاءٌ ، والَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ، أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ .
ومعنى كونه هدى لهم أنه يزيدهم هدى على ما لديهم من الهدى كما قال - تعالى - :
والَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وآتاهُمْ تَقْواهُمْ .
ويصح أن يكون المعنى : هدى للناس الذين صاروا متقين بهذه الهداية ، كما أقول : هديت مهتديا ، أو كتبت مكتوبا ، على معنى أنى هديت شخصا صار مهديا بهذه الهداية ، وكتبت خطابا صار مكتوبا بهذه الكتابة ، وهو أسلوب عربي صحيح . كما ورد في حديث « من قتل قتيلا فله سلبه » .
قال صاحب الكشاف : ومحل * ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) * الرفع ، لأنه خبر مبتدأ محذوف ، أو خبر مع * ( لا رَيْبَ فِيه ) * ل « ذلك » . . . والذي هو أرسخ عرقا في البلاغة أن يضرب عن هذه المحال صفحا ، وأن يقال : إن قوله * ( الم ) * جملة برأسها أو طائفة من حروف المعجم مستقلة برأسها .
و * ( ذلِكَ الْكِتابُ ) * جملة ثانية . و * ( لا رَيْبَ فِيه ) * ثالثة . و * ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) * رابعة . وقد أصيب بترتيبها مفصل البلاغة وموجب حسن النظم ، حيث جيء بها متناسقة هكذا من غير نسق ، وذلك لمجيئها متآخية آخذا بعضها بعنق بعض . فالثانية متحدة بالأولى معتنقة لها ، وهلم جرا إلى الثالثة والرابعة : بيان ذلك أنه نبه أولا على أنه الكلام المتحدى به ، ثم أشير إليه بأنه الكتاب المنعوت بغاية الكمال . فكان تقريرا لجهة التحدي ، وشدا من أعضاده ثم نفى عنه أن يتشبث به من طرف الريب ، فكان شهادة وتسجيلا بكماله . لأنه لا كمال أكمل من الحق

41

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست