نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 400
بحدود اللَّه محارمه ومناهيه خصوصا ، لقوله - تعالى - : * ( ولا تُبَاشِرُوهُنَّ ) * وهي حدود لا تقرب » « 1 » . ثم ختم - سبحانه - هذه الآية الكريمة بقوله : * ( كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّه آياتِه لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) * . أى : مثل ذلك البيان الجامع الذي بين اللَّه به حدوده التي أمركم بالتزامها ونهاكم عن مخالفتها ، يبين لكم آياته ، أى : أدلته وحججه لكي تصونوا أنفسكم عما يؤدى بكم إلى العقوبة ، وتكونوا ممن رضي اللَّه عنهم ورضوا عنه . وبذلك تكون الآية الكريمة قد ختمت الحديث عن الصوم ، ببيان مظاهر رفق اللَّه بعباده ، ورعايته لمصالحهم ومنافعهم ، بأسلوب بليغ جمع بين الترغيب والترهيب ، والإباحة والتحريم ، وغير ذلك من أنواع الهداية والإرشاد إلى ما يسعد الناس في دينهم ودنياهم . وبعد أن أنهى القرآن حديثه عن الصيام ، وما يتعلق به من أحكام ، أردف ذلك بالنهى عن أكل الحرام ، لأنه يؤدى إلى عدم قبول العبادات من صيام واعتكاف ودعاء وغير ذلك فقال - تعالى - : [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 188 ] ولا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( 188 ) والخطاب في الآية الكريمة موجه إلى المؤمنين كافة في كل زمان ومكان . والمراد بالأكل مطلق الأخذ بغير وجه حق ، وعبر عنه بالأكل ، لأن الأكل أهم وسائل الحياة ، وفيه تصرف الأموال غالبا . والباطل في اللغة : الزائل الذاهب ، يقال : بطل يبطل بطولا وبطلانا . أى ذهب ضياعا وخسرا . وجمع الباطل أباطيل . ويقال : بطل الأجير يبطل بطالة إذا تعطل واتبع اللهو . والمراد هنا : كل ما لم يبح الشرع أخذه من المال وإن طابت به النفس ، كالربا والميسر وثمن الخمر ، والرشوة ، وشاهد الزور ، والسرقة ، والغصب ، ونحو ذلك مما حرمه اللَّه - تعالى - . والباء للسببية ، والجار والمجرور متعلق بالفعل قبله ، وكذلك قوله : * ( بَيْنَكُمْ ) * .
( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 223 .
400
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 400