نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 399
الشرع : ملازمة طاعة مخصوصة في وقت مخصوص على شرط مخصوص في موضع مخصوص . وأجمع العلماء على أنه ليس بواجب وهو قربة من القرب ونافلة من النوافل عمل بها رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وأصحابه وأزواجه ، ويلزمه إن ألزمه نفسه ، ويكره الدخول فيه لمن يخاف عليه العجز عن الوفاء بحقوقه . وأجمع العلماء على أنه لا يكون إلا في المسجد واختلفوا في المراد بالمساجد في قوله - تعالى - : * ( فِي الْمَساجِدِ ) * فذهب قوم إلى أن الآية خرجت على نوع من المساجد وهو ما بناه نبي كالمسجد الحرام والمسجد النبوي وبيت المقدس ، وقال آخرون لا اعتكاف إلا في مسجد تجمع فيه الجمعة ، وقال آخرون الاعتكاف في كل مسجد جائز « 1 » . والمشار إليه في قوله - تعالى - : * ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّه فَلا تَقْرَبُوها ) * الأحكام التي سبق تقريرها من إيجاب وتحريم وإباحة . والحدود جمع حد ، وهو في اللغة الحاجز بين الشيئين المتقابلين ليمنع من دخول أحدهما في الآخر . ومنه سمى الحديد حديدا لأنه يمنع وصول السلاح إلى البدن . وسميت الأحكام التي شرعها اللَّه حدودا لأنها تحجز بين الحق والباطل . أى : تلك الأحكام التي شرعناها لكم من إيجاب الصوم ، وتحريم الأكل والشرب والجماع في نهاره ، وإباحة ذلك في ليله ، هي حدود اللَّه التي لا يحل لكم مخالفتها أو مجاوزتها . وعبر - سبحانه - عن النهى عن مخالفة تلك الأحكام بقوله : * ( فَلا تَقْرَبُوها ) * مبالغة في التحذير من مخالفتها ، لأن النهى عن القرب من الشيء نهى عن إتيانه بالأولى والآية ترشد بقولها * ( فَلا تَقْرَبُوها ) * إلى اجتناب ما فيه شبهة كما ترشد إلى ترك الأشياء التي تقضى في غالب أمرها إلى الوقوع في حرام . قال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف قيل * ( فَلا تَقْرَبُوها ) * مع قوله : فَلا تَعْتَدُوها ومَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّه قلت : من كان في طاعة اللَّه والعمل بشرائعه فهو متصرف في حيز الحق فنهى أن يتعداه . لأن من تعداه وقع في حيز الباطل ، ثم بولغ في ذلك فنهى أن يقرب الحد الذي هو الحاجز بين حيزى الحق والباطل لئلا يدانى الباطل ، وأن يكون في الواسطة متباعدا عن الطرف فضلا عن أن يتخطاه كما قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : « إن لكل ملك حمى ، وحمى اللَّه محارمه ، فمن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه » فالرتع حول الحمى وقربان حيزه واحد . ويجوز أن يريد
( 1 ) تفسير القرطبي ج 2 ص 332 بتصرف وتلخيص .
399
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 399