نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 306
من العلماء - والنسخ من مظان الفتنة والشبهة وتسويل الشيطان ، فاقتضى الأمر بسط الحديث في مسألة القبلة ليزدادوا إيمانا على إيمانهم . ولأن هذا التحويل - أيضا - جاء على خلاف رغبة اليهود ، فإنهم كانوا يحرصون على استمرار المسلمين في التوجه إلى بيت المقدس ، لأنه قبلتهم ، فلما حصل التحويل إلى المسجد الحرام ، اتخذوا منه مادة للطعن في صحة النبوة ليفتنوا ضعفاء العقيدة ، وسلكوا لبلبلة أفكار المسلمين كل وسيلة . فزعموا أن نسخ الحكم بعد شرعه مناف للحكمة ، ومباين للعقول ، فلا يقع في الشرائع الإلهية ، وساقوا من الشبهات والمفتريات ما بينا بعضه عند تفسيرنا للآيات الكريمة . ويبدو أن شغبهم هذا ، كان له آثاره عند ذوى النفوس المريضة وضعاف الإيمان فلهذا كله أخذت مسألة القبلة شأنا غير شأن بقية الأحكام الفرعية ، فكان مقتضى الحال أن يكون الحديث عنها مستفيضا ، ومدعما بالأدلة والبراهين ، وهذا ما راعاه القرآن الكريم عند حديثه عن مسألة القبلة ، فلقد قرر وكرر ، ووعد وتوعد ، ووضح وبين ، ليدفع كل شبهة ، وليجتث كل حجة ، ويزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم ، وينهض بضعفاء الإيمان إلى منزلة الراسخين في العلم ، ويهوى باليهود ومن حذا حذوهم في مكان سحيق ، واللَّه غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون . وبعد أن أنهى القرآن حديثه عن نعمة تحويل القبلة أتبعه بالحديث عن نعمة جليلة أخرى وهي نعمة إرسال الرسول فيهم لهدايتهم فقال - تعالى - : [ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 151 الى 152 ] كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا ويُزَكِّيكُمْ ويُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ ويُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ( 151 ) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ واشْكُرُوا لِي ولا تَكْفُرُونِ ( 152 ) وقوله - تعالى - : * ( كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ ) * . . إلخ متصل بما قبله ، والكاف للتشبيه وهي في موضع نصب على أنها نعت لمصدر محذوف وما مصدرية ، والتقدير : لقد حولت القبلة إلى شطر المسجد الحرام لأتم نعمتي عليكم إتماما مثل إتمام نعمتي عليكم بإرسال
306
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 306