نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 307
الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فيكم ، إجابة لدعوة إبراهيم وإسماعيل إذ قالا رَبَّنا وابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ . . . . وقيل إن قوله - تعالى - : * ( كَما أَرْسَلْنا ) * . . إلخ متصل بما بعده ، فتكون الكاف للمقابلة ، أى : كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يعلمكم الدين القويم ، والخلق المستقيم ومنحتكم هذه النعمة فضلا منى وكرما ، فاذكروني بالشكر عليها أذكركم برحمتي وثوابي . وقوله : * ( فِيكُمْ ) * متعلق « بأرسلنا » وقدم على المفعول تعجيلا بإدخال السرور : وقوله : * ( مِنْكُمْ ) * في موضع نصب ، لأنه صفة لقوله : * ( رَسُولًا ) * والمخاطبون بهذه الآية الكريمة هم العرب . وفي إرساله الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فيهم وهو منهم نعمة تستوجب المزيد من الشكر ، لأن إرساله منهم يسبقه معرفتهم لنشأته الطيبة وسيرته العطرة ، ومن شأن هذه المعرفة أن تحملهم على المسارعة إلى تصديقه والإيمان به ، ولأن في إرساله فيهم وهو منهم شرف عظيم لهم ، ومجد لا يعد له مجد ، حيث جعل - سبحانه - خاتم رسله من هذه الأمة ، ولأن المشهور من حالهم الأنفة الشديدة من الانقياد ، فكون الرسول منهم ادعى إلى إيمانهم به وقبولهم لدعوته . وقوله : * ( يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا ) * صفة ثانية للرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم . والتلاوة : ذكر الكلمة بعد الكلمة على نظام متسق ، وأصله من الإتباع ومنه تلاه ، أى : تبعه . والمراد من الآيات : آيات القرآن الكريم ، وتلاوتها قراءتها ، فإن البصير بأساليب البيان العربي يدرك من مجرد تلاوة آيات القرآن كيف ارتفع إلى الذروة التي كان بها معجزة ساطعة . وفي هذه الجملة - كما قال الآلوسى - « إشارة إلى طريق إثبات نبوته - عليه الصلاة والسلام - لأن تلاوة الأمى للآيات الخارجة عن طوق البشر باعتبار بلاغتها واشتمالها على الإخبار بالمغيبات والمصالح التي ينتظم بها أمر المعاد والمعاش أقوى دليل على نبوته » « 1 » : وعبر بقوله : * ( يَتْلُوا ) * ، لأن نزول القرآن مستمر ، وقراءة النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم له متوالية ، وفي كل قراءة يحصل علم المعجزات للسامعين . ويجوز أن يراد بالآيات : دلائل التوحيد والنبوة والبعث ، وبتلاوتها التذكير بها حتى يزداد المؤمنون إيمانا بصدقها . وقوله : * ( ويُزَكِّيكُمْ ) * صفة ثالثة للرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، أى : ويطهركم من الشرك ، ومن الأخلاق الذميمة . وإذا أشرقت النفوس بنور الحق ، وتحلت بالأخلاق الحميدة ، قويت على تلقى ما يرد عليها من الحقائق السامية .
( 1 ) تفسير الآلوسى ج 2 ص 18 ط منير الدمشقي .
307
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 307