نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 305
للمعاندين منهم ، القائلين ما ترك قبلتنا إلى الكعبة إلا ميلا إلى دين قومه وحبا لبلده ، ولو كان على الحق للزم قبلة الأنبياء قبله ، فإن قلت : أى حجة كانت تكون للمنصفين منهم لو لم يحول حتى احترز من تلك الحجة ، ولم يبال بحجة المعاندين ؟ . قلت : كانوا يقولون ما له لا يحول إلى قبلة أبيه إبراهيم كما هو مذكور في نعته في التوراة ؟ فإن قلت : كيف أطلق اسم الحجة على قول المعاندين ؟ قلت : لأنهم يسوقونه سياق الحجة ، ويجوز أن يكون المعنى : لئلا يكون للعرب عليكم حجة واعتراض في ترككم التوجه إلى الكعبة التي هي قبلة إبراهيم وإسماعيل أبى العرب إلا الذين ظلموا منهم وهم أهل مكة ، حين يقولون بدا له فرجع إلى قبلة آبائه ، ويوشك أن يرجع إلى دينهم » « 1 » . وثانيها : قوله تعالى : * ( ولأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ) * أى : ولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام * ( لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) * ولتكون قبلتكم مستقلة عن قبلة اليهود وغيرهم ، فالجملة الكريمة معطوفة على قوله - تعالى - : * ( لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) * . وثالثها : قوله - تعالى - : * ( ولَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) * أى : ولكي ترشدوا للصواب في كل أموركم فما ضلت عنه الأمم من الحق هديناكم إليه ، وخصصناكم به ولهذا كانت أمتكم خير أمة أخرجت للناس . والجملة الكريمة معطوفة على الجملة السابقة وهي قوله تعالى : * ( ولأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ) * . وبذلك تكون الآيات الكريمة التي نزلت في شأن تحويل القبلة إلى المسجد الحرام قد ثبتت المؤمنين ، ودحضت كل شبهة أوردها اليهود وغيرهم في هذه المسألة . خامسا : هذا ، وفي ختام هذا المبحث نحب أن نجيب على السؤال الخامس ، وهو : لما ذا فصل القرآن الكريم الحديث عن تحويل القبلة فنقول : لقد شرع اللَّه - تعالى - تحويل القبلة إلى الكعبة بعد أن صلَّى المسلمون إلى بيت المقدس فترة من الزمان ، وكرر الأمر بتولية الوجوه إلى المسجد الحرام عند الصلاة ، وأقام الأدلة الساطعة على أن ذلك التحويل هو الحق ، وأتى بألوان من الوعيد لمن لم يتبع أوامره ، وساق وجوها من التأكيدات تدل على عناية بالغة بشأنها . والمقتضى لهذه العناية وذلك التفصيل - مع أن التوجه إليها فرع من فروع الدين - هو أن التحويل من بيت المقدس إلى المسجد الحرام . كان أول نسخ في الإسلام - كما قال بذلك كثير
( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 240 .
305
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 305