responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 296


كان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يحب أن يتوجه إلى الكعبة ، فأنزل اللَّه - تعالى - * ( قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ ) * فتوجه نحو الكعبة ، وقال السفهاء من الناس - وهم اليهود - ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها .
ثم لقن اللَّه - تعالى - نبيه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم الجواب الذي يخرس به ألسنة المعترضين من اليهود وغيرهم ، فقال تعالى : * ( قُلْ لِلَّه الْمَشْرِقُ والْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) * .
أى قل لهم - يا محمد - إذا اعترضوا على التحويل : إن الأمكنة كلها للَّه ملكا وتصرفا وهي بالنسبة إليه متساوية ، وله أن يخص بعضها بحكم دون بعض ، فإذا أمرنا باستقبال جهة في الصلاة فلحكمة اقتضت الأمر وما على الناس إلا أن يمتثلوا أمره ، والمؤمنون ما اتخذوا الكعبة قبلة لهم إلا امتثالا لأمر ربهم ، لا ترجيحا لبعض الجهات من تلقاء أنفسهم فاللَّه هو الذي يهدى من يشاء هدايته ، إلى السبيل الحق ، فيوجه إلى بيت المقدس مدة حيث اقتضت حكمته ذلك ، ثم إلى الكعبة ، حيث يعلم المصلحة فيما أمر به .
- ثم وصف اللَّه - تعالى - الأمة الإسلامية ، بأنها أمة خيرة عادلة مزكاة بالعلم والعمل فقال تعالى : * ( وكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) * .
والمعنى : ومثل ما جعلنا قبلتكم - أيها المسلمون - وسطا لأنها البيت الحرام الذي هو المثابة للناس ، والأمن لهم ، جعلناكم - أيضا - * ( أُمَّةً وَسَطاً ) * أى : خيارا عدولا بين الأمم ليتحقق التناسب بينكم وبين القبلة التي تتوجهون إليها في صلواتكم ، تشهدون على الأمم السابقة بأن أنبياءهم قد بلغوهم الرسالة ، ونصحوهم بما ينفعهم ، ولكي يشهد الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عليكم بأنكم صدقتموه وآمنتم به .
أخرج البخاري عن أبى سعيد الخدري - رضي اللَّه عنه - قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يدعى نوح يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك يا رب ، فيقال له : هل بلغت ما أرسلت به ؟ فيقول نعم ، فيقال لأمته هل بلغكم . فيقولون : ما أتانا من نذير ، فيقال له : من يشهد لك . فيقول :
محمد وأمته . فيشهدون أنه قد بلغ ، فذلك قوله - جل ذكره - * ( وكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) * « 1 » .
ثم بين اللَّه - تعالى - الحكمة في تحويل القبلة إلى الكعبة فقال تعالى :
* ( وما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْه ) * .


( 1 ) صحيح البخاري ، باب : « وكذلك جعلناكم أمة وسطا » من كتاب التفسير ، ج 6 ص 26 .

296

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست