responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 297


أى وما شرعنا التوجه إلى القبلة التي كنت عليها قبل وقتك هذا وهي بيت المقدس ، إلا لنعامل الناس معاملة الممتحن المختبر ، فنعلم من يتبع الرسول ويأتمر بأوامره في كل حال ممن لم يدخل الدين في قرارة نفسه ، وإنما دخل فيه على حرف ، بحيث يرتد عنه لأقل شبهة ، وأدنى ملابسة كما حصل ذلك من ضعاف الإيمان عند تحويل القبلة إلى الكعبة واللَّه - تعالى - عالم بكل شيء ، ولكنه شاء أن يكون معلومه الغيبى مشاهدا في العيان ، إذ تعلق الشيء واقعا في العيان ، هو الذي تقوم عليه الحجة ، ويترتب عليه الثواب والعقاب .
ولذا قال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف قال لنعلم ولم يزل عالما بذلك ؟ قلت معناه لنعلمه علما يتعلق به الجزاء ، وهو أن يعلمه موجودا حاصلا ، ونحوه ولَمَّا يَعْلَمِ اللَّه الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ ويَعْلَمَ الصَّابِرِينَ وقيل ليعلم رسول اللَّه والمؤمنون ، وإنما أسند علمهم إلى ذاته ، لأنهم خواصه وأهل الزلفى عنده ، وقيل معناه . ليميز التابع من الناكص كما قال - تعالى - : لِيَمِيزَ اللَّه الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ فوضع العلم موضع التمييز لأن العلم يقع التمييز به » « 1 » .
ثم بين اللَّه - تعالى - آثار تحويل القبلة في نفوس المؤمنين وغيرهم فقال تعالى : * ( وإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّه . ) * أى : إنما شرعنا لك - يا محمد - القبلة أولا إلى بيت المقدس ، ثم صرفناك عنها إلى الكمية ليظهر حال من يتبعك ويطيعك في كل حالة ممن لا يطيعك ، وإن كانت هذه الفعلة - وهي تحويلنا لك من بيت المقدس إلى الكعبة - لكبيرة وشاقة ، إلا على الذين خلق اللَّه الهداية في قلوبهم فتلقوا أوامرنا بالخضوع والإذعان ، وقالوا سمعنا وأطعنا كل من عند ربنا .
وقوله - تعالى - : * ( وما كانَ اللَّه لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ . . . ) * .
بشارة عظيمة للمؤمنين ، وجواب لما جاشت به الصدور ، وتكذيب لما ادعاه اليهود من أن عبادة المؤمنين في الفترة التي سبقت تحويل القبلة إلى الكعبة ضائعة وباطلة .
فقد أخرج البخاري من حديث البراء بن عازب - رضي اللَّه عنه - أنه مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا ، فلم ندر ما تقول فيهم ، فأنزل اللَّه - تعالى - * ( وما كانَ اللَّه لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ ) * .
وقال ابن عباس : كان رجال من أصحاب رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قد ماتوا على القبلة الأولى ، منهم : أسعد بن زرارة ، وأبو أمامة . . . وأناس آخرون فجاءت عشائرهم فقالوا : يا رسول


( 1 ) تفسير الكشاف ج 2 ص 238 .

297

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 297
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست