responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 24


إخوانه المؤمنين بقوله : * ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) * لأنه أنجح للحاجة ، وأنجع للإجابة ، ولهذا أرشدنا اللَّه إليه لأنه الأكمل « 1 » .
وقد تكلم المفسرون كلاما كثيرا عن المراد بالصراط المستقيم الذي جعل اللَّه طلب الهداية إليه في هذا السورة أول دعوة علمها لعباده . والذي نراه : أن أجمع الأقوال في ذلك أن المراد بالصراط المستقيم ، هو ما جاء به الإسلام من عقائد وآداب وأحكام ، توصل الناس متى اتبعوها إلى سعادة الدنيا والآخرة ، فإن طريق السلام هو الطريق الذي ختم اللَّه به الرسالات السماوية ، وجعل القرآن دستوره الشامل ، ووكل إلى النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أمر تبليغه وبيانه .
وقد ورد في الأحاديث النبوية ما يؤيد هذا القول ، ومن ذلك ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده ، عن النواس بن سمعان ، عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أنه قال : « ضرب اللَّه مثلا صراطا مستقيما ، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعلى باب الصراط داع يقول : يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا ، وداع يدعو من فوق الصراط ، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال له : ويحك لا تفتحه ، فإنك إن تفتحه تلجه ، فالصراط الإسلام ، والسوران حدود اللَّه ، والأبواب المفتحة محارم اللَّه ، وذلك الداعي من فوق الصراط واعظ اللَّه في قلب كل مسلَّم » .
والمراد بقوله - تعالى - * ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) * أى : ثبتنا عليه ، واجعلنا من المداومين على السير في سبيله ، فإن العبد مفتقر إلى اللَّه في كل وقت لكي يثبته على الهداية ، ويزيده منها ، ويعينه عليها . وقد أمر سبحانه المؤمنين أن يقولوا : رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ .
وجملة * ( صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) * بدل من الصراط المستقيم .
ولم يقل : اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم مستغنيا عن ذكر الصراط المستقيم ، ليدل أن صراط هؤلاء المنعم عليهم هو الصراط المستقيم .
وقال : * ( صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) * ولم يقل صراط الأنبياء أو الصالحين ، ليدل على أن الدين في ذاته نعمة عظيمة ، ويكفى للدلالة على عظمتها إسنادها إليه - تعالى - في قوله :
* ( أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) * لأن المراد بالإنعام هنا - على الراجح - الإنعام الديني . فالمنعم عليهم هم من عرفوا الحق فتمسكوا به ، وعرفوا الخير فعملوا به .
قال بعض العلماء : ( وإنما اختار في البيان أن يضيف الصراط إلى المنعم عليهم لمعنيين :


( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 26 .

24

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست