responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 23


والهداية : هي الإرشاد والدلالة بلطف على ما يوصل إلى البغية ، وتسند الهداية إلى اللَّه وإلى النبي وإلى القرآن ، وقد يراد منها الإيصال إلى ما فيه خير ، وهي بهذا المعنى لا تضاف إلى اللَّه - تعالى - .
قال أبو حيان في البحر ما ملخصه : وقد تأتى بمعنى التبيين كما في قوله - تعالى - وأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ أى بينا لهم طريق الخير . أو بمعنى الإلهام كما في قوله تعالى . قالَ : فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى ؟ قالَ : رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدى . قال المفسرون معناه : ألهم الحيوانات كلها إلى منافعها ، أو بمعنى الدعاء كما في قوله . تعالى : ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ أى : داع .
والأصل في هدى أن يصل إلى ثانى معموليه باللام كما في قوله . تعالى . إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ أو بإلى كما في قوله تعالى : وإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ثم يتسع فيه فيعدى إليه بنفسه ومنه : * ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) * « 1 » .
والصراط : الجادة والطريق ، من سرط الشيء إذا ابتلعه ، وسمى الطريق بذلك لأنه يبتلع المارين فيه ، وتبدل سينه صاد على لغة قريش .
والمستقيم : المعتدل الذي لا اعوجاج فيه .
وأنعمت عليهم : النعمة لين العيش وخفضه ، ونعم اللَّه كثيرة لا تحصى * ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ) * الغضب هيجان النفس وثورتها ، عند الميل إلى الانتقام ، وهو ضد الرضا . وإذا أسند إلى اللَّه فسر بمعنى إرادة الانتقام أو بمعنى الانتقام نفسه .
والموافق لمذهب السلف أن يقال : هو صفة له - تعالى - لائقة بجلاله لا نعلم حقيقتها مجردة عن اللوازم البشرية وإنما نعرف أثرها وهو الانتقام من العصاة ، وإنزال العقوبة بهم .
والمعنى : اهدنا يا ربنا إلى طريقك المستقيم ، الذي يوصلنا إلى سعادة الدنيا والآخرة ، ويجعلنا مع الذين أنعمت عليهم من خلقك ، وجنبنا يا مولانا طريق الذين غضبت عليهم من الأمم السابقة أو الأجيال اللاحقة بسبب سوء أعمالهم وطريق الذين هاموا في الضلالات ، فانحرفوا عن القصد ، وحق عليهم العذاب .
وفي هذا الدعاء أسمى ألوان الأدب ، لأن هذا الدعاء قد تضرع به المؤمنون إلى خالقهم بعد أن اعترفوا له - سبحانه - قبل ذلك بأنه هو المستحق لجميع المحامد ، وأنه هو رب العالمين ، والمتصرف في أحوالهم يوم الدين .
قال الإمام ابن كثير : وهذا أكمل أحوال السائل . أن يمدح مسئوله ثم يسأل حاجته وحاجة


( 1 ) تفسير البحر المحيط لأبى حيان ج 1 ص 25 .

23

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست