نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 25
أولهما : هو إبراز نفسية المحب المخلص ، وأنه يكون شديد الاحتياط دقيق التحري عن الطريق الموصل إلى ساحة الرضا في ثقة تملأ نفسه ، وتفعم قلبه ، ولا يجد في مثل هذا المقام ما يملأ نفسه ثقة إلا أن يبين الطريق ، بأنه الطريق الذي وصل بالسير عليه من قبله الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون . وثانيهما : أن من خواطر المؤمل في نعيم ربه أن يكون تمام أنسه في رفقة من الناس صالحين ، وصحب منهم محسنين « 1 » . وقوله - تعالى - * ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ) * بدل من * ( الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) * وأتى في وصف الإنعام بالفعل المسند إلى اللَّه - تعالى - فقال : * ( أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) * وفي وصف الغضب باسم المفعول فقال : * ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ) * وفي ذلك تعليم لأدب جميل ، وهو أن الإنسان يجمل به أن يسند أفعال الإحسان إلى اللَّه ، ويتحامى أن يسند إليه أفعال العقاب والابتلاء ، وإن كان كل من الإحسان والعقاب صادرا منه ، ومن شواهد هذا قوله - تعالى - حكاية عن مؤمنى الجن وأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً « 2 » . وحرف ( لا ) في قوله * ( ولَا الضَّالِّينَ ) * جيء به لتأكيد معنى النفي المستفاد من كلمة غير . والمراد بالمغضوب عليهم اليهود . وبالضالين النصارى . وقد ورد هذا التفسير عن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في حديث رواه الإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه . ومن المفسرين من قال بأن المراد بالمغضوب عليهم من فسدت إرادتهم حيث علموا الحق ولكنهم تركوه عنادا وجحودا ، وأن المراد بالضالين من فقدوا العلم فهم تائهون في الضلالات دون أن يهتدوا إلى طريق قويم . وقدم المغضوب عليهم على الضالين ، لأن معنى المغضوب عليهم كالضد لمعنى المنعم عليهم ، ولأن المقابلة بينهما أوضح منها بين المنعم عليهم والضالين ، فكان جديرا بأن يوضع في مقابلته قبل الضالين . قال العلماء : ويستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها ( آمين ) ومعناه اللهم استجب وليس هذا اللفظ من القرآن بدليل أنه لم يثبت في المصاحف والدليل على استحباب التأمين ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن وائل بن حجر قال : سمعت النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قرأ * ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولَا الضَّالِّينَ ) * فقال : ( آمين ) مد بها صوته .
( 1 ) تفسير سورة الفاتحة لفضيلة الأستاذ الشيخ حامد محيسن بمجلة الأزهر السنة 22 العدد 13 ص 885 ( 2 ) تفسير سورة الفاتحة لفضيلة الإمام الأكبر المرحوم محمد الخضر حسين بمجلة لواء الإسلام العدد الأول من سنة الأولى ص 10 .
25
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 25