responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 192


نقضوا عهودهم ، وقطعوا ما أمر اللَّه به أن يوصل ، قد باعوا دينهم بدنياهم ، فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون .
وقوله تعالى : * ( وإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ ولا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ) * معناه : اذكروا حين أخذنا العهد عليكم يا بنى إسرائيل ألا يسفك أحد منكم دم غيره ، وألا يخرجه من دياره . على حد قوله : فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ « 1 » أى فليسلَّم بعضكم على بعض .
وفائدة هذا التعبير ، التنبيه إلى أن الأمة المتواصلة بالدين ، يجب أن يكون شعورها بالوحدة قويا وعميقا ، بحيث يكون قتل الرجل لغيره قتلا لنفسه ، وإخراجه له من داره إخراجا لها .
قال صاحب المنار : ( وقد أورد - سبحانه - النهى عن سفك بعضهم دم بعض ، وإخراج بعضهم بعضا من ديارهم وأوطانهم ، بعبارة تؤكد وحدة الأمة ، وتحدث في النفس أثرا شريفا ، يبعثها على الامتثال إن كان هناك قلب يشعر ، ووجدان يتأثر فقال تعالى :
* ( لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ ) * فجعل دم كل فرد من أفراد الأمة كأنه دم الآخر عينه حتى إذا سفكه كان كأنه بخع نفسه وانتحر بيده ، وقال تعالى : * ( ولا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ) * على هذا النسق ، وهذا التعبير المعجز ببلاغته خاص بالقرآن الكريم » « 2 » .
وقوله تعالى : * ( ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ) * تسجيل عليهم بأنهم قد قبلوا العمل بالميثاق والتزموا به ، إذ المعنى : ثم اعترفتم بهذا الميثاق - أيها اليهود - ولم تنكروه ، فكان من الواجب عليكم أن تفوا به ، فماذا كان موقفهم بعد هذا الإقرار والإشهاد ؟ .
لقد بين القرآن الكريم بعد ذلك أنهم نقضوا عهودهم ، وارتكبوا ما نهوا عن ارتكابه ، فقال تعالى : * ( ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ . . ) * أى : ثم أنتم - يا معشر اليهود - بعد اعترافكم بالميثاق ، والتزامكم به ، نقضتم عهودكم ، وارتكبتم في حق إخوانكم ما نهيتم عنه ، من القتل والإخراج ، وفعلتم ما لا يليق بالعقلاء ، ومن يحترم المواثيق .
ولما كان قتل بعضهم لبعض ، وإخراجهم من أماكنهم يحتاج إلى قوة وغلبة ، بين - سبحانه - أنهم يرتكبون ذلك وهم متعاونون عليه بالشرور ومجاوزة الحدود ، فقال تعالى : * ( تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ والْعُدْوانِ ) * تظاهرون : من التظاهر وهو التعاون ، وأصله من الظهر ، كأن المتعاونين يسند كل واحد منهم ظهره إلى الآخر . والمعنى : تتعاونون على قتل إخوانكم


( 1 ) سورة النور الآية 61 . ( 2 ) تفسير المنار ج 1 ص 372 .

192

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست