responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 191


بعد أن بين - سبحانه - في الآية السابقة أن اللَّه - تعالى - قد أخذ على بنى إسرائيل عهدا بأن يعبدوه ويؤدوا فرائض اللَّه ، إلا أنهم نقضوا هذا العهد وتولوا عنه سوى قليل منهم بعد ذلك بين في هذه الآيات الكريمة أنه - سبحانه - أخذ عليهم عهدا آخر ولكنهم نقضوه كما هو دأبهم .
وملخص هذا العهد الذي ذكرته الآيات الكريمة ، أن اللَّه تعالى أخذ عليهم الميثاق ألا يقتل بعضهم بعضا ، وألا يخرج بعضهم بعضا من داره ، وأنهم إذا وجدوا أسيرا منهم في يد غيرهم فإن عليهم أن يبذلوا أموالهم لفدائه من الأسر ، وتخليصه من أيدى أعدائهم ، ثم لما نشبت الحرب بين قبيلتي الأوس والخزرج ، انضمت قبيلة بنى قريظة إلى الأوس ، وانضمت قبيلة بنى قينقاع وبنى النضير إلى الخزرج ، وصارت كل طائفة من طوائف اليهود تقاتل بجانب أبناء ملتهم المنضمين إلى حلفائهم الآخرين فإذا وضعت الحرب أوزارها ، بذل جميع اليهود أموالهم لتخليص الأسرى من أعدائهم كما أمرهم - تعالى - وبهذا يكونون قد آمنوا ببعض الكتاب وهو بذل الفداء لتخليص الأسرى ، وكفروا ببعضه وهو تحريم سفك دماء إخوانهم وإخراجهم من ديارهم ، ويحكى التاريخ أن العرب كانوا يعيرونهم فيقولون لهم : كيف تقاتلونهم ثم تفدونهم بأموالكم ؟ فكان اليهود يقولون : قد حرم علينا قتالهم ولكنا نستحي أن نخذل حلفاءنا وقد أمرنا أن نفتدى أسرانا .
وقد توعدهم - سبحانه - بالخزي في الدنيا والآخرة ، جزاء نقضهم لعهوده ، وتفريقهم بين أحكامه .
والمعنى الإجمالى للآيات الكريمة : واذكروا - أيضا - يا بنى إسرائيل وقت أن أخذنا عليكم العهد ، وأوصيناكم فيه بألا يتعرض بعضكم لبعض بالقتل ، وبألا يخرج بعضكم بعضا من مساكنهم ، ثم أقررتم وأنتم تشهدون على الوفاء بهذا العهد ، والالتزام بما جاء فيه ، ثم أنتم هؤلاء - يا معشر اليهود - بعد إقراركم بالميثاق ، وبعد شهادتكم المؤكدة على أنفسكم بأنكم قد قبلتموه ، خرجتم على تعاليم التوراة ، فنقضتم عهودكم ، وأراق بعضكم دماء بعض ، وأخرجتم إخوانكم في الملة والدم من ديارهم ظلما وعدوانا ، وتعاونتم على قتلهم وإخراجهم مع من ليسوا من ملتكم أو قرابتكم ، ومع ذلك فإذا وقع إخوانكم الذين قاتلتموهم وأخرجتموهم من ديارهم في الأسر فاديتموهم ، فلم لم تتبعوا حكم التوراة في النهى عن قتالهم وإخراجهم كما اتبعتم حكمها في مفاداتهم ؟ وكيف تستبيحون القتل والإخراج من الديار ، ولا تستبيحون ترك الأسرى في أيدى عدوهم ؟ إن هذا التفريق بين أحكام اللَّه جزاء فاعله الهوان في الدنيا .
والعذاب الدائم في الأخرى ، وما اللَّه بغافل عما تعملون . ولا شك أن أولئك اليهود الذين

191

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست