نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي جلد : 1 صفحه : 75
والباء في به سببية ، أو كقولك : كتبت بالقلم لأنّ الماء سبب في خروج الثمرات بقدرة اللَّه تعالى * ( فَلا تَجْعَلُوا ) * لا ناهية أو نافية ، وانتصب الفعل بإضمار أن بعد الفاء في جواب اعبدوا ، والأوّل أظهر * ( أَنْداداً ) * [1] يراد به هنا الشركاء المعبودون مع اللَّه جلّ وعلا * ( وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) * حذف مفعوله مبالغة وبلاغة أي : وأنتم تعلمون وحدانيته بما ذكر لكم من البراهين ، وفي ذلك بيان لقبح كفرهم بعد معرفتهم بالحق ، ويتعلق قوله بلا تجعلوا بما تقدّم من البراهين ، ويحتمل أن يتعلق بقوله : « اعبدوا » والأوّل أظهر . فوائد ثلاث الأولى : هذه الآية ضمنت دعوة الخلق إلى عبادة اللَّه بطريقين : أحدهما : إقامة البراهين بخلقتهم وخلقة السماوات والأرض والمطر والسماوات . والآخر : ملاطفة جميلة بذكر ما للَّه عليهم من الحقوق ومن الإنعام ، فذكر أوّلا ربوبيته لهم ، ثم ذكر خلقته لهم وآبائهم ، لأنّ الخالق يستحق أن يعبد ، ثم ذكر ما أنعم اللَّه به عليهم من جعل الأرض فراشا والسماء بناء ، ومن إنزال المطر ، وإخراج الثمرات ، لأنّ المنعم يستحق أن يعبد ويشكر ، وانظر قوله : جعل لكم ، ورزقا لكم : يدلك على ذلك لتخصيصه ذلك بهم في ملاطفة وخطاب بديع . الثانية : المقصود الأعظم من هذه الآية : الأمر بتوحيد اللَّه وترك ما عبد من دونه لقوله في آخرها : فلا تجعلوا للَّه أندادا ، وذلك هو الذين يترجم عنه بقولنا : لا إله إلَّا اللَّه ، فيقتضي ذلك الأمر بالدخول في دين الإسلام الذي قاعدته التوحيد ، وقول لا إله إلَّا اللَّه تكون في القرآن ذكر المخلوقات [2] ، والتنبيه على الاعتبار في الأرض والسماوات والحيوان والنبات والرياح والأمطار والشمس والقمر والليل والنهار ، وذلك أنها تدلّ بالعقل على عشرة أمور . وهي : أنّ اللَّه موجود ، لأنّ الصنعة دليل على الصانع لا محالة ، وأنه واحد لا شريك له ، لأنه لا خالق إلَّا هو أَ فَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ ) * [ النحل : 17 ] وأنه حيّ قدير عالم مريد ، لأنّ هذه الصفات الأربع من شروط الصانع . إذ لا تصدر صنعة عمن عدم صفة منها ، وأنه قديم لأنه صانع للمحدثات ، فيستحيل أن يكون مثلها في الحدوث ، وأنه باق ، لأنّ ما ثبت قدمه استحال عدمه ، وأنه حكيم ، لأنّ آثار حكمته ظاهرة في إتقانه للمخلوقات وتدبيره للملكوت ، وأنه رحيم ، لأن في كل ما خلق منافع لبني آدم سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض . وأكثر ما يأتي ذكر المخلوقات في القرآن في معرض الاستدلال على وجوده تعالى وعلى وحدانيته ، فإن قيل لم قصر الخطاب بقوله لعلكم تتقون على
[1] . جمع ند ومعناه : النظير ، والشبيه . [2] . ربما في الكلام نقص . واللَّه أعلم .
75
نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي جلد : 1 صفحه : 75