responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي    جلد : 1  صفحه : 307


ثم بلغني أن خليفة قام مقامه ، ثم لم ألبث إلا قليلا حتى جاءتنا جنوده فقلت في نفسي : لا أدخل في هذا الدين حتى أعلم أهم الذين كنت أرجو وأنتظر ، وأنظر كيف سيرتهم وأعمالهم ، وإلى ما تكون عاقبتهم . فلم أزل أقدّم ذلك وأؤخره لأتبين وأتثبت حتى قدم علينا عمر بن الخطاب ، فلما رأيت صلاة المسلمين وصيامهم وبرهم ووفاءهم بالعهد ، وما صنع اللَّه لهم على الأعداء علمت أنهم هم الذي كنت أنتظر ، فحدثت نفسي بالدخول في دين الإسلام .
فو اللَّه إني ذات ليلة فوق سطح إذا برجل من المسلمين يتلو كتاب اللَّه حتى أتى على هذه الآية : يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وكانَ أَمْرُ اللَّه مَفْعُولًا ) * [ النساء : 47 ] فلما سمعت هذه الآية خشيت اللَّه ألا أصبح حتى يحوّل وجهي في قفاي ، فما كان شيء أحبّ إليّ من الصباح ، فغدوت على عمر فأسلمت حين أصبحت .
وقال كعب لعمر عند انصرافهم إلى الشام : يا أمير المؤمنين إنه مكتوب في كتاب اللَّه إن هذه البلاد التي كان فيها بنو إسرائيل ، وكانوا أهلها مفتوحة على يد رجل من الصالحين رحيم بالمؤمنين شديد على الكافرين ، سره مثل علانيته ، وعلانيته مثل سره ، وقوله لا يخالف فعله ، والقريب والبعيد عنده في الحق سواء وأتباعه رهبان بالليل وأسد بالنهار ، متراحمون متواصلون متباذلون ، فقال له عمر : ثكلتك أمك ، أحق ما تقول ؟ قال أي والذي أنزل التوراة على موسى ، والذي يسمع ما تقول إنه لحق ، فقال عمر : الحمد للَّه الذي أعزنا وشرفنا وأكرمنا ورحمنا بمحمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم برحمته التي وسعت كل شيء .
ومن ذلك كتاب فروة بن عمر الجذامي إلى رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، وكان من ملوك العرب بالشام ، فكتب إليه : بسم اللَّه الرحمن الرحيم لمحمد رسول اللَّه من فروة بن عمر إني مقرّ بالإسلام مصدق ، أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدا عبد اللَّه ورسوله وأنه الذي بشّر به عيسى ابن مريم عليه السلام ، فأخذه هرقل لما بلغه إسلامه وسجنه فقال واللَّه لا أفارق دين محمد أبدا فإنك تعرف أنه النبي الذي بشّر به عيسى ابن مريم ، ولكنك حرصت على ملكك وأحببت بقاءه فقال قيصر صدق والإنجيل .
يشهد لهذا ما خرجه البخاري ومسلم من كتاب رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم إلى هرقل وسؤال هرقل عن أحواله وأخلاقه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، فلما أخبر بها علم أنه رسول اللَّه ، وقال إنه يملك موضع قدميّ ولو خلصت إليه لغسلت قدميه البخاري كتاب بدء الوحي .
ومن حديث زيد بن أسلم عن أبيه وهو عندنا بالإسناد أن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه خرج زمان الجاهلية مع ناس من قريش في التجارة إلى الشام ، قال فإني لفي سوق من أسواقها إذا أنا ببطريق قد قبض على عنقي ، فذهبت أنازعه فقيل لي : لا تفعل فإنه لا نصيف

307

نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي    جلد : 1  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست