نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي جلد : 1 صفحه : 224
هذه الآية . أربعة أعضاء اثنين محدودين [1] ، وهما اليدان والرجلان واثنين غير محدودين وهما الوجه والرأس أما المحدودان فتغسل اليدان إلى المرفقين ، والرجلان إلى الكعبين وجوبا بإجماع ، فإنّ ذلك هو الحد الذي جعل اللَّه لهما ، واختلف هل يجب غسل المرفقين مع اليدين ، وغسل الكعبين مع الرجلين أم لا ، وذلك مبني على معنى إلى ، فمن جعل إلى بمعنى مع في قوله إلى المرافق وإلى الكعبين أوجب غسلهما . ومن جعلها بمعنى الغاية لم يوجب غسلهما واختلف في الكعبين ، هل هما اللذان عند معقد الشراك أو العظمان الناتئان في طرف الساق ، وهو أظهر لأنه ذكرهما بلفظ التثنية ، ولو كان اللذان عند معقد الشراك لذكرهما بلفظ الجمع كما ذكر المرافق ، لأنه على ذلك في كل رجل كعب واحد وأما غير المحدودين ، فاتفق على وجوب استيعاب الوجه . وحدّه طولا من أول منابت الشعر إلى آخر الذقن أو اللحية ، وحدّه عرضا من الأذن إلى الأذن وقيل : من العذار إلى العذار ، وأما الرأس ، فمذهب مالك وجوب إيعابه كالوجه ، ومذهب كثير من العلماء جواز الاقتصار على بعضه ، لما ورد في الحديث أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه واله وسلَّم مسح على ناصيته ، ولكنهم اختلفوا في القدر الذي يجزئ على أقوال كثيرة * ( وامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) * اختلف في هذه الباء فقال قوم : إنها للتبعيض وبنوا على ذلك جواز مسح بعض الرأس ، وهذا القول غير صحيح عند أهل العربية ، وقال القرافي : إنها باء الاستعانة التي تدخل على الآلات وأن المعنى : امسحوا أيديكم برؤوسكم ، وهذا ضعيف لأن الرأس على هذا ما مسح لا ممسوح ، وذلك خلاف المقصود ، وقيل إنها زائدة وهو ضعيف ، لأن هذا ليس موضع زيادتها والصحيح عندي : أنها باء الإلصاق التي توصل الفعل إلى مفعوله لأن المسح تارة يتعدّى بنفسه ، وتارة بحرف الجر : كقوله : فامسحوا بوجوهكم ، وكقوله : فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ والأَعْناقِ ) * [ ص : 33 ] * ( وأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) * قرئ وأرجلكم بالنصب عطفا على الوجوه والأيدي فيقتضي ذلك وجوب غسل الرجلين ، وقرئ بالخفض [2] فحمله بعضهم على أنه عطف على قوله : برؤوسكم ، فأجاز مسح الرجلين ، روي ذلك عن ابن عباس ، وقال الجمهور لا يجوز مسحهما بل يجب غسلهما وتأولوا قراءة الخفض بثلاثة تأويلات : أحدها : أنه خفض على الجوار لا على العطف . والآخر : أنه يراد به المسح على الخفين ، والثالث : أن ذلك منسوخ بالسنة . والفرق بين الغسل والمسح أن المسح إمرار اليدين بالبلل الذي يبقى من الماء ، والغسل عند مالك إمرار اليد بالماء ، وعند الشافعي إمرار الماء ، وإن لم يدلك باليد * ( وإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ ) * تقدم الكلام على نظيرتها في
[1] . محدود : أي له حدود واضحة . [2] . وهي قراءة ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر وحجتهم ما روي عن ابن عباس .
224
نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي جلد : 1 صفحه : 224