responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي    جلد : 1  صفحه : 105


ويرى جميع الخلق في قبضة القهر ليس بيدهم شيء من الأمر ، فيطرح الأسباب وينبذ الأرباب ، والدرجة الثالثة ألَّا يرى في الوجود إلَّا اللَّه وحده فيغيب عن النظر إلى المخلوقات ، حتى كأنها عنده معدومة . وهذا الذي تسميه الصوفية مقام الفناء بمعنى الغيبة عن الخلق حتى أنه قد يفنى عن نفسه ، وعن توحيده : أي يغيب عن ذلك باستغراقه في مشاهدة اللَّه * ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ والأَرْضِ ) * الآية ذكر فيها ثمانية أصناف من المخلوقات تنبيها على ما فيها من العبر والاستدلال على التوحيد المذكور قبلها في قوله : وإِلهُكُمْ إِله واحِدٌ ) * * ( واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ ) * أي اختلاف وصفهما من الضياء والظلام والطول والقصر ، وقيل إن أحدهما يخلف الآخر * ( بِما يَنْفَعُ النَّاسَ ) * من التجارة وغيرها * ( وتَصْرِيفِ الرِّياحِ ) * إرسالها من جهات مختلفة ، وهي الجهات الأربع ، وما بينهما وبصفات مختلفة فمنها ملقحة للشجر ، وعقيم ، وصر ، وللنصر ، وللهلاك .
* ( وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّه ) * اعلم أن محبة العبد لربه على درجتين : إحداهما : المحبة العامة التي لا يخلو منها كل مؤمن ، وهي واجبة ، والأخرى : المحبة الخاصة التي ينفرد بها العلماء الربانيون ، والأولياء والأصفياء ، وهي أعلى المقامات ، وغاية المطلوبات ، فإنّ سائر مقامات الصالحين : كالخوف ، والرجاء ، والتوكل ، وغير ذلك فهي مبنية على حظوظ النفس ، ألا ترى أن الخائف إنما يخاف على نفسه ، وأن الراجي إنما يرجو منفعة نفسه بخلاف المحبة فإنها من أجل المحبوب فليست من المعاوضة ، واعلم أنّ سبب محبة اللَّه معرفته فتقوى المحبة على قدر قوّة المعرفة ، وتضعف على قدر ضعف المعرفة ، فإنّ الموجب للمحبة أحد أمرين : وكلاهما إذا اجتمع في شخص من خلق اللَّه تعالى كان في غاية الكمال . الموجب الأوّل الحسن والجمال ، والآخر الإحسان والإجمال ، فأما الجمال فهو محبوب بالطبع ، فإنّ الإنسان بالضرورة يحب كل ما يستحسن ، والإجمال مثل جمال اللَّه في حكمته البالغة وصنائعه البديعة ، وصفاته الجميلة الساطعة الأنوار ، التي تروق العقول وتهيج القلوب ، وإنما يدرك جمال اللَّه تعالى بالبصائر ، لا بالأبصار ، وأما الإحسان فقد جبلت القلوب على حب من أحسن إليها ، وإحسان اللَّه إلى عباده متواتر وإنعامه عليهم باطن وظاهر ، وإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّه لا تُحْصُوها ) * [ إبراهيم : 34 ] ، ويكفيك أنه يحسن إلى المطيع والعاصي ، والمؤمن والكافر ، وكل إحسان ينسب إلى غيره فهو في الحقيقة منه ، وهو المستحق للمحبة وحده .

105

نام کتاب : التسهيل لعلوم التنزيل نویسنده : الغرناطي الكلبي    جلد : 1  صفحه : 105
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست