نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 118
فتأمل صحة هذا الدليل وحسن تأليفه وظهور دلالته ومن هذا قوله سبحانه ( ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا ) وهذا هو المناسب لقوله ( أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ) ولقوله ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ) وبرهان مستقل مذكور في القرآن على وجوه متعددة والله أعلم الثامن أن مثل هذا التركيب إنما جاء في القرآن للنفي لا للإثبات كقوله تعالى ( ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ) وقوله ( إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين ) وقوله ( إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره ) وقوله ( إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء ) ونظائره لم يأت إلا فيما كان ما بعد فعل المشيئة منفيا التاسع أن الختم على القلب لا يستلزم الصبر بل قد يختم على قلب العبد ويسلبه صبره بل إذا ختم على القلب زال الصبر وضعف بخلاف الربط على القلب فإنه يستلزم الصبر كما قال تعالى ( وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ) ومعنى الربط في اللغة الشد ولهذا يقال لكل من صبر على أمر ربط قلبه كأنه حبس قلبه عن الاضطراب ومنه يقال هو رابط الجأش وقد طن الواحدي أن على زائدة والمعنى يربط قلوبكم وليس كما ظن بل بين ربط الشيء والربط عليه فرق ظاهر فإنه يقال ربط الفرس والدابة ولا يقال ربط عليها فإذا أحاط الربط بالشيء وعمه قيل ربط عليه كأنه أحاط عليه بالربط فلهذا قيل ربط على قلبه وكان أحسن من أن يقال ربط قلبه والمقصود أن هذا الربط يكون معه الصبر أشد وأثبت بخلاف الختم العاشر أن الختم هو شد القلب حتى لا يشعر ولا يفهم فهو مانع يمنع العلم والتقصد والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم قول أعدائه أنه افترى القرآن ويشعر به فلم يجعل الله على قلبه مانعا من شعوره بذلك وعلمه به فإذا قيل الأمر كذلك ولكن جعل الله على قلبه مانعا من الأذى بقولهم .
118
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 118