نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 117
ولا يقدرون على تخليصه كقوله ( أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا ) وتارة يجيبهم بالمطالبة بمعارضته بمثله أو شيء منه وتارة بإقامة الأدلة القاطعة على أنه الحق وأنهم هم الكاذبون المفترون وهذا هو الذي يحسن في جواب هذا السؤال لا مجرد الصبر الخامس أن هذه الآية نظير ما نحن فيه وأنه لو شاء لما أقره ولا مكنه وتفسير القرآن بالقرآن من أبلغ التفاسير السادس أنه لا دلالة في سياق الآية على الصبر بوجه ما لا بالمطابقة ولا التضمن ولا اللزوم فمن أين يعلم أنه أراد ذلك ولم يستمر هذا المعنى في غير هذا المعنى فيحمل عليه بخلاف كونه يحول بينه وبينه ولا يمكنه من الافتراء عليه فقد ذكره في مواضع السابع أنه سبحانه أخبر أنه لو شاء لما تلاه عليهم ولا أدراهم به وأن ذلك إنما هو بمشيئته وإذنه وعلمه كما قال تعالى ( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به ) وهذا من أبلغ الحجج وأظهرها أي هذا الكلام ليس من قبلي ولا من عندي ولا أقدر أن أفتريه على الله ولو كان ذلك مقدورا لي لكان مقدورا لمن هو من أهل العلم والكتابة ومخالطة الناس والتعلم منهم ولكن الله بعثني به ولو شاء سبحانه لم ينزله ولم ييسره بلساني فلم يدعني أتلوه عليكم وإن أعلمكم به البتة لا على لساني ولا على لسان غيري ولكنه أوحاه إلي وأذن لي في تلاوته عليكم وأدراكم به بعد أن لم تكونوا دارين به فلو كان كذبا وافتراء كما تقولون لأمكن غيري أن يتلوه عليكم وتدرون به من جهته لأن الكذب لا يعجز عنه البشر وأنتم لم تدروا بهذا ولم تسمعوه إلا مني ولم تسمعوه من بشر غيري ثم أجاب عن سؤال مقدر وهو أنه تعلمه من غيره أو افتراه من تلقاء نفسه فقال ( فقد لبثت فيكم عمرا من قبله ) تعلمون حالي ولا يخفى عليكم سيري ومدخلي ومخرجي وصدقي وأمانتي ومن هذا لم أتمكن من قول شيء منه البتة ولا كان لي به علم ولا ببعضه ثم أتيتكم به وهلة من غير تعمل ولا تعلم ولا معاناة للأسباب التي أتمكن بها منه ولا من بعضه وهذا من أظهر الأدلة وأبين البراهين أنه من عند الله أوحاه إلي وأنزله علي ولو شاء ما فعل فلم يمكني من تلاوته ولا أمكنكم من العلم به بل مكنني من تلاوته ومكنكم من العلم به فلم تكونوا عالمين به ولا ببعضه ولم أكن قبل أن يوحى إلي تاليا له ولا لبعضه .
117
نام کتاب : التبيان في أقسام القرآن نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 117