نام کتاب : التبيان في إعراب القرآن نویسنده : أبو البقاء العكبري جلد : 1 صفحه : 49
والثاني - أنه صفة الصوم أي صوما مثل ما كتب ، فما على هذا بمعنى الذي أي صوما مماثلا للصوم المكتوب على من قبلكم ، و « صوم » هنا مصدر مؤكد في المعنى لأن الصيام بمعنى أن تصوموا صوما . والثالث - أن تكون الكاف في موضع حال من الصيام أي مشبها للذي كتب على من قبلكم . والرابع - أن يكون في موضع رفع صفة للصيام . فإن قيل : الجار والمجرور نكرة ، والصيام معرفة ، والنكرة لا تكون صفة للمعرفة . قيل : لما لم يرد بالصيام صياما معيّنا كان كالمنكّر ، وقد ذكرنا نحو ذلك في الفاتحة ، ويقوّي ذلك أنّ الصيام مصدر ، والمصدر جنس ، وتعريف الجنس قريب من تنكيره . 184 - * ( أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ ) * : لا يجوز أن ينتصب بمصدر « كتب » الأولى ، لا على الظرف ، ولا على أنه مفعول به على السّعة لأنّ الكاف في « كما » وصف لمصدر محذوف ، والمصدر إذا وصف لم يعمل ، وكذلك اسم الفاعل . ولا يجوز أن ينتصب بالصيام المذكور في الآية لأنه مصدر ، وقد فرّق بينه وبين أيام بقوله : « كَما كُتِبَ » ، ويعمل فيه المصدر كالصّلة ، ولا يفرق بين الصلة والموصول بأجنبي . وإن جعلت صفة الصيام لم يجز أيضا لأنّ المصدر إذا وصف لا يعمل . والوجه أن يكون العامل في أيام محذوفا تقديره : صوموا أيّاما فعلى هذا يكون أياما ظرفا لأنّ الظرف يعمل فيه المعنى . ويجوز أن ينتصب أياما بكتب لأن الصيام مرفوع به ، وكما : إمّا مصدر لكتب أو نعت للصيام ، وكلاهما لا يمنع عمل الفعل ، وعلى هذا يجوز أن يكون ظرفا ومفعولا به على السّعة . * ( أَوْ عَلى سَفَرٍ ) * : في موضع نصب معطوفا على خبر كان ، تقديره : أو كان مسافرا وإنما دخلت « على » هاهنا لأنّ المسافر عازم على إتمام سفره ، فينبغي أن يكون التقدير : أو كان عازما على إتمام سفر . و « سفر » هنا نكرة يراد به سفر معيّن وهو السّفر إلى المسافة المقدرة في الشرع . * ( فَعِدَّةٌ ) * : مبتدأ ، والخبر محذوف : أي فعليه عدّة ، وفيه حذف مضاف أي صوم عدّة . ولو قرئ بالنصب لكان مستقيما ، ويكون التقدير : فليصم عدّة . وفي الكلام حذف تقديره : فأفطر فعليه . و * ( مِنْ أَيَّامٍ ) * : نعت لعدّة . و * ( أُخَرَ ) * : لا ينصرف للوصف والعدل عن الألف واللام لأنّ الأصل في « فعلى » صفة أن تستعمل في الجمع بالألف واللام كالكبرى والكبر ، والصّغرى والصّغر . * ( يُطِيقُونَه ) * : الجمهور على القراءة بالياء . وقرئ « يطوّقونه » - بواو مشدّدة مفتوحة ، وهو من الطَّوق الذي هو قدر الوسع . والمعنى يكلفونه . * ( فِدْيَةٌ ) * : يقرأ بالتنوين ، و « طَعامُ ) * » - بالرفع - بدلا منها ، أو على إضمار مبتدأ أي هي طعام . و * ( مِسْكِينٍ ) * - بالإفراد ، والمعنى أنّ ما يلزم بإفطار كلّ يوم إطعام مسكين واحد . ويقرأ بغير تنوين ، وطعام بالجر ، ومساكين بالجمع ، وإضافة الفدية إلى الطعام إضافة الشيء إلى جنسه ، كقولك : خاتم فضّة لأنّ طعام المسكين يكون فدية وغير فدية . وإنما جمع المساكين لأنه جمع في قوله : « وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَه » فقابل الجمع بالجمع ولم يجمع فدية لأمرين : أحدهما - أنها مصدر ، والهاء فيها لا تدلّ على المرة الواحدة بل هي للتأنيث فقط . والثاني - أنه لمّا أضافها إلى مضاف إلى الجمع فهم منها الجمع . والطعام هنا بمعنى الإطعام ، كالعطاء بمعنى الإعطاء . ويضعف أن يكون الطعام هو المطعوم ، لأنه أضافه إلى المسكين وليس الطعام للمسكين قبل تمليكه إياه فلو حمل على ذلك لكان مجازا لأنه يكون تقديره : فعليه إخراج طعام يصير للمساكين ولو حملت الآية عليه لم يمتنع لأنّ حذف المضاف جائز ، وتسمية الشيء بما يؤول إليه جائز . * ( فَهُوَ خَيْرٌ لَه ) * : الضمير يرجع إلى التطوّع ، ولم يذكر لفظه بل هو مدلول عليه بالفعل . * ( وأَنْ تَصُومُوا ) * : في موضع رفع مبتدأ و « خَيْرٌ » خبره و « لَكُمْ » : نعت لخير ، و « إِنْ كُنْتُمْ » شرط محذوف الجواب والدالّ على المحذوف أن تصوموا . 185 - * ( شَهْرُ رَمَضانَ ) * : في رفعه وجهان : أحدهما - هو خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : هي شهر ، يعني الأيام المعدودات فعلى هذا يكون : * ( الَّذِي أُنْزِلَ ) * : نعتا للشهر ، أو لرمضان . والثاني - هو مبتدأ ، ثم في الخبر وجهان : أحدهما : الذي أنزل . والثاني : أنّ الذي أنزل صفة والخبر هو الجملة التي هي قوله : « فَمَنْ شَهِدَ » . فإن قيل : لو كان خبرا لم يكن فيه الفاء لأنّ شهر رمضان لا يشبه الشرط . قيل : الفاء على قول الأخفش زائدة ، وعلى قول غيره ليست زائدة وإنما دخلت لأنك وصفت الشهر بالذي ، فدخلت الفاء كما تدخل في خبر نفس الذي ومثله : « قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْه فَإِنَّه مُلاقِيكُمْ » . فإن قيل : فأين الضّمير العائد على المبتدأ من الجملة ؟ قيل : وضع الظاهر موضعه تفخيما أي فمن شهده منكم ، كما قال الشاعر : < شعر > لا أرى الموت يسبق الموت شيء بغّض الموت ذا الغنى والفقيرا < / شعر > أي لا يسبقه شيء . و « من » هنا شرطية مبتدأة وما بعدها الخبر . ويجوز أن تكون بمعنى الذي ، فيكون الخبر فليصمه . و * ( مِنْكُمُ ) * : حال من ضمير الفاعل ومفعول « شهد » محذوف أي شهد المصر . و * ( الشَّهْرَ ) * : ظرف ، أو مفعول به على السعة . ولا يجوز أن يكون التقدير : فمن شهد هلال الشهر لأنّ ذلك يكون في حق المريض والمسافر والمقيم الصحيح ، والذي يلزمه الصوم الحاضر بالمصر إذا كان صحيحا . وقيل : التقدير : هلال الشهر فعلى هذا يكون الشهر مفعولا به صريحا لقيامه مقام الهلال . وهذا ضعيف لوجهين : أحدهما - ما قدمنا من لزوم الصوم على العموم ، وليس كذلك . والثاني - أن شهد بمعنى حضر ، ولا يقال حضرت هلال الشهر وإنما يقال : شاهدت الهلال . والهاء في * ( فَلْيَصُمْه ) * ضمير الشّهر ، وهي مفعول به على السعة وليست ظرفا إذ لو كانت ظرفا لكانت معها « في » ، لأنّ ضمير الظَّرف لا يكون ظرفا بنفسه . ويقرأ « شهر رمضان » بالنصب ، وفيه ثلاثة أوجه :
49
نام کتاب : التبيان في إعراب القرآن نویسنده : أبو البقاء العكبري جلد : 1 صفحه : 49