نام کتاب : التبيان في إعراب القرآن نویسنده : أبو البقاء العكبري جلد : 1 صفحه : 17
ومن هنا نكرة موصوفة ، ويقول : صفة لها ويضعف أن تكون بمعنى الذي لأن « الذي » يتناول قوما بأعيانهم ، والمعنى هاهنا على الإبهام . والتقدير : ومن الناس فريق يقول . ومن موحّدة اللفظ ، وتستعمل في التثنية والجمع والتأنيث بلفظ واحد ، والضمير الراجع إليها يجوز أن يفرد حملا على لفظها ، وأن يثنّى ويجمع ويؤنث حملا على معناها . وقد جاء في هذه الآية على الوجهين فالضمير في يقول مفرد ، وفي آمنّا وما هم : جمع . والأصل في يقول : يقول - بسكون القاف وضمّ الواو لأنه نظير يقعد ويقتل ، ولم يأت إلا على ذلك ، فتقلت ضمة الواو إلى القاف ليخفّ اللفظ بالواو ، ومن هاهنا إذا أمرت لم تحتج إلى الهمزة بل تقول : قل لأن فاء الكلمة قد تحركت فلم تحتج إلى همزة الوصل . * ( آمَنَّا ) * : أصل الألف همزة ساكنة ، فقلبت ألفا لئلا تجتمع همزتان ، وكان قلبها ألفا من أجل الفتحة قبلها ، ووزن آمن أفعل من الأمن . و * ( الآخِرِ ) * : فاعل ، فالألف فيه غير مبدلة من شيء . * ( وما هُمْ ) * : « هم » ضمير منفصل مرفوع ب « ما » عند أهل الحجاز ، ومبتدأ عند بني تميم ، والباء في الخبر زائدة للتوكيد غير متعلقة بشيء وهكذا كلّ حرف جر زيد في المبتدأ أو الخبر ، أو الفاعل ، و « ما » تنفي في الحال ، وقد تستعمل لنفي المستقبل . 9 - * ( يُخادِعُونَ اللَّه ) * : في الجملة وجهان : أحد هما : لا موضع لها . والثاني : موضعها نصب على الحال ، وفي صاحب الحال والعامل فيها وجهان : أحد هما - هي من الضمير في يقول ، فيكون العامل فيها يقول ، والتقدير : يقول آمنّا مخادعين . والثاني : هي حال من الضمير في قوله : بمؤمنين ، والعامل فيها اسم الفاعل والتقدير : وما هم بمؤمنين في حال خداعهم . ولا يجوز أن يكون في موضع جرّ على الصفة لمؤمنين لأنّ ذلك يوجب نفي خداعهم والمعنى على إثبات الخداع . ولا يجوز أن تكون الجملة حالا من الضمير في آمنّا لأن آمنّا محكيّ عنهم بيقول ، فلو كان يخادعون حالا من الضمير في آمنّا لكانت محكيّة أيضا ، وهذا محال لوجهين : أحدهما : أنهم ما قالوا آمنّا وخادعنا . والثاني : أنه أخبر عنهم بقوله : يخادعون ، ولو كان منهم لكان : نخادع - بالنون . وفي الكلام حذف تقديره : يخادعون نبيّ اللَّه . وقيل : هو على ظاهره من غير حذف . وما يخادعون . وأكثر القراءة بالألف ، وأصل المفاعلة أن تكون من اثنين ، وهي على ذلك هنا لأنهم في خداعهم ينزلون أنفسهم منزلة أجنبي يدور الخداع بينهما ، فهم يخدعون أنفسهم ، وأنفسهم تخدعهم وقيل المفاعلة هنا من واحد كقولك : سافر الرجل ، وعاقبت اللَّص . ويقرأ يخدعون بغير ألف مع فتح الياء . ويقرأ بضمها على أن يكون الفاعل للخدع الشيطان فكأنه قال : وما يخدعهم الشيطان . * ( إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ) * أي عن أنفسهم ، وأنفسهم منصوب بأنه مفعول ، وليس نصبه على الاستثناء لأن الفعل لم يستوف مفعوله قبل إلا . 10 - * ( فَزادَهُمُ اللَّه ) * : زاد يستعمل لازما ، كقولك : زاد الماء . ويستعمل متعديا إلى مفعولين ، كقولك : زدته درهما ، وعلى هذا جاء في الآية . ويجوز إمالة الزاي لأنها تكسر في قولك زدته ، وهذا يجوز فيما عينه واو مثل خاف إلا أنه أحسن فيما عينه ياء . * ( أَلِيمٌ ) * : هو فعيل بمعنى مفعل لأنه من قولك : الم فهو مؤلم ، وجمعه آلام وإلام ، مثل شريف وشرفاء وشراف . * ( بِما كانُوا يَكْذِبُونَ ) * : هو في موضع رفع صفة لأليم ، وتتعلق الباء بمحذوف ، تقديره : أليم كائن بتكذيبهم ، أو مستحقّ . وما هنا مصدرية ، وصلتها يكذبون ، وليست « كان » صلتها لأنها الناقصة ، ولا يستعمل منها مصدر . ويكذبون في موضع نصب خبر كان . وما المصدرية حرف عند سيبويه ، واسم عند الأخفش ، وعلى كلا القولين لا يعود عليها من صلتها شيء . 11 - * ( وإِذا قِيلَ لَهُمْ ) * : إذا في موضع نصب على الظرف ، والعامل فيها جوابها ، وهو قوله : قالوا . وقال قوم : العامل فيها قيل وهو خطأ لأنه في موضع جر بإضافة إذا إليه ، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف . وأصل قيل قول ، فاستثقلت الكسرة على الواو فحذفت ، وكسرت القاف لتنقلب الواو ياء ، كما فعلوا في أدل وأحق . ومنهم من يقول : نقلوا كسرة الواو إلى القاف وهذا ضعيف لأنك لا تنقل إليها الحركة إلا بعد تقدير سكونها ، فيحتاج في هذه إلى حذف ضمة القاف ، وهذا عمل كثير . ويجوز إشمام القاف بالضمة مع بقاء الياء ساكنة تنبيها على الأصل . ومن العرب من يقول في مثل قيل وبيع : قول وبوع ، ويسوّى بين ذوات الواو والياء ، قالوا : وتخرّج على أصلها ، وما هو من الياء تقلب فيه واوا لسكونها وانضمام ما قبلها ، ولا يقرأ بذلك ما لم تثبت به رواية . والمفعول القائم مقام الفاعل مصدر ، وهو القول ، وأضمر لأنّ الجملة بعده تفسره . والتقدير : وإذا قيل لهم قول هو لا تفسدوا . ونظيره : « ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الآياتِ لَيَسْجُنُنَّه » أي بدا لهم بداء ورأي . وقيل : « لهم » هو القائم مقام الفاعل لأن الكلام لا يتم به ، وما هو مما تفسره الجملة بعده . ولا يجوز أن يكون قوله : لا تفسدوا قائما مقام الفاعل لأنّ الجملة لا تكون فاعلا فلا تقوم مقام الفاعل . ولهم في موضع نصب مفعول قيل . * ( فِي الأَرْضِ ) * : الهمزة في الأرض أصل وأصل الكلمة من الاتّساع ، ومنه قولهم : أرضت القرحة إذا اتّسعت . وقول من قال : سميت أرضا لأنّ الأقدام ترضّها ليس بشيء لأنّ الهمزة فيها أصل ، والرضّ ليس من هذا . ولا يجوز أن يكون في الأرض حالا من الضمير في تفسدوا لأنّ ذلك لا يفيد شيئا ، وإنما هو ظرف متعلق بتفسدوا . * ( إِنَّما نَحْنُ ) * : « ما » هاهنا كافّة لإنّ عن العمل ، لأنها هيّأتها للدخول على الاسم تارة وعلى الفعل اخرى ، وهي إنما عملت لاختصاصها بالاسم . وتفيد « إنما » حصر الخبر فيما أسند إليه الخبر ، كقوله : « إِنَّمَا اللَّه إِله واحِدٌ » وتفيد في بعض المواضع اختصاص المذكور بالوصف المذكور دون غيره ، كقولك : إنما زيد كريم أي ليس فيه من الأوصاف التي تنسب إليه سوى الكرم ، ومنه قوله تعالى : « إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ » لأنهم طلبوا منه ما لا يقدر عليه البشر فأثبت لنفسه صفة البشر ، ونفى عنه ما عداها . * ( نَحْنُ ) * : هو اسم مضمر منفصل مبنيّ على الضم . وإنما بنيت الضمائر لافتقارها إلى الظواهر التي ترجع إليها فهي كالحروف في افتقارها إلى الأسماء ، وحرّك آخرها لئلا
17
نام کتاب : التبيان في إعراب القرآن نویسنده : أبو البقاء العكبري جلد : 1 صفحه : 17