نام کتاب : التبيان في إعراب القرآن نویسنده : أبو البقاء العكبري جلد : 1 صفحه : 123
6 - * ( إِلَى الْمَرافِقِ ) * : قيل : إلى بمعنى مع كقوله : « ويَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ » وليس هذا بالمختار . والصحيح أنها على بابها ، وأنها لانتهاء الغاية وإنما وجب غسل المرافق بالسنّة وليس بينهما تناقض لأنّ « إلى » تدل على انتهاء الفعل ، ولا يتعرض بنفي المحدود إليه ولا بإثباته ألا ترى أنك إذا قلت : سرت إلى الكوفة ، فغير ممتنع أن تكون بلغت أول حدودها ولم تدخلها ، وأن تكون دخلتها فلو قام الدليل على أنك دخلتها لم يكن مناقضا لقولك : سرت إلى الكوفة فعلى هذا تكون « إلى » متعلقة باغسلوا . ويجوز أن تكون في موضع الحال ، وتتعلَّق بمحذوف والتقدير : وأيديكم مضافة إلى المرافق . * ( بِرُؤُسِكُمْ ) * : الباء زائدة . وقال من لا خبرة له بالعربية : الباء في مثل هذا للتبعيض وليس بشيء يعرفه أهل النحو . ووجه دخولها أنّها تدلّ على إلصاق المسح بالرأس . * ( وأَرْجُلَكُمْ ) * : يقرأ بالنصب ، وفيه وجهان : أحدهما - هو معطوف على الوجوه والأيدي أي فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم وذلك جائز في العربية بلا خلاف والسنّة الدّالة على وجوب غسل الرّجلين تقوّي ذلك . والثاني - أنه معطوف على موضع برؤوسكم والأوّل أقوى ، لأنّ العطف على اللفظ أقوى من العطف على الموضع . ويقرأ في الشذوذ بالرفع على الابتداء أي وأرجلكم مغسولة كذلك . ويقرأ بالجر ، وهو مشهور أيضا كشهرة النّصب . وفيها وجهان : أحدهما - أنها معطوفة على الرؤوس في الإعراب ، والحكم مختلف فالرؤوس ممسوحة والأرجل مغسولة وهو الإعراب الذي يقال هو على الجوار وليس بممتنع أن يقع في القرآن لكثرته ، فقد جاء في القرآن والشّعر فمن القرآن قوله تعالى : « وحُورٌ عِينٌ » على قراءة من جرّ ، وهو معطوف على قوله : « بِأَكْوابٍ وأَبارِيقَ » ، والمعنى مختلف إذ ليس المعنى : يطوف عليهم ولدان مخلَّدون بحور عين وقال الشاعر - وهو النابغة : < شعر > لم يبق إلَّا أسير غير منفلت أو موثق في حبال القدّ مجنوب < / شعر > والقوافي مجرورة ، والجوار مشهور عندهم في الإعراب ، وقلب الحروف بعضها إلى بعض ، والتأنيث وغير ذلك ، فمن الإعراب ما ذكرنا في العطف ، ومن الصفات قوله : « عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ » ، واليوم ليس بمحيط ، وإنما المحيط العذاب . وكذلك قوله : « فِي يَوْمٍ عاصِفٍ » ، واليوم ليس بعاصف ، وإنما العاصف الريح . ومن قلب الحروف قوله عليه الصلاة والسلام : « ارجعن مأزورات غير مأجورات » والأصل موزورات ولكن أريد التآخي . وكذلك قولهم : إنه لا يأتينا بالغدايا والعشايا . ومن التأنيث قوله : « فَلَه عَشْرُ أَمْثالِها » ، فحذفت التاء من عشر ، وهي مضافة إلى الأمثال ، وهي مذكّرة ، ولكن لما جاورت الأمثال الضمير المؤنّث أجرى عليها حكمة ، وكذلك قول الشاعر : < شعر > لمّا أتى خبر الزّبير تضعضعت سور المدينة والجبال الخشع < / شعر > وقولهم : ذهبت بعض أصابعه . ومما راعت العرب فيه الجوار قولهم : قامت هند ، فلم يجيزوا حذف التاء إذا لم يفصل بينهما فإن فصلوا بينهما أجازوا حذفها ، ولا فرق بينهما إلا المجاورة وعدم المجاورة . ومن ذلك قولهم : قام زيد وعمرا كلمته - استحسنوا النّصب بفعل محذوف لمجاورة الجملة اسما قد عمل فيه الفعل . ومن ذلك قلبهم الواو المجاورة للطرف همزة في قولهم : أوائل كما لو وقعت طرفا وكذلك إذا بعدت عن الطرف لا تقلب نحو طواويس ، وهذا موضع يحتمل أن يكتب فيه أوراق من الشواهد ، وقد جعل النحويون له بابا ورتّبوا عليه مسائل ، ثم أصّلوه بقولهم : جحر ضبّ خرب ، حتى اختلفوا في جواز جرّ التثنية والجمع فأجاز الإتباع فيهما جماعة من حذّاقهم قياسا على المفرد المسموع ، ولو كان لا وجه له في القياس بحال لاقتصروا فيه على المسموع فقط . ويؤيّد ما ذكرناه أن الجرّ في الآية قد أجيز غيره ، وهو النصب والرفع . والرفع والنصب غير قاطعين ولا ظاهرين على أنّ حكم الرّجلين المسح وكذلك الجرّ يجب أن يكون كالنصب والرفع في الحكم دون الإعراب . والوجه الثاني : أن يكون جرّ الأرجل بجارّ محذوف ، تقديره : وافعلوا بأرجلكم غسلا ، وحذف الجار وإبقاء الجر جائز ، قال الشاعر : < شعر > مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ولا ناعب إلَّا ببين غرابها < / شعر > وقال زهير : < شعر > بدا لي أني لست مدرك ما مضى ولا سابق شيئا إذا كان جائيا < / شعر > فجرّ بتقدير الباء ، وليس بموضع ضرورة . وقد أفردت لهذه المسألة كتابا . * ( إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) * : مثل « إِلَى الْمَرافِقِ » . وفيه دليل على وجوب غسل الرجلين لأنّ المسموح ليس بمحدود ، والتحديد في المغسول الذي أريد بعضه ، وهو قوله : « وأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ » ، ولم يحدّد الوجه لأنّ المراد جميعه .
123
نام کتاب : التبيان في إعراب القرآن نویسنده : أبو البقاء العكبري جلد : 1 صفحه : 123