نام کتاب : إعجاز القرآن نویسنده : الباقلاني جلد : 0 صفحه : 88
الطلاب ، ضعيفة الأصحاب ، وبحسب تأتى مواقعه تقع الافهام دونه ، وعلى قدر لطف مسالكه يكون القصور عنه . فإذا كان نقد الكلام كله صعبا ، وتمييزه شديدا ، والوقوع على اختلاف فنونه متعذرا ، وهذا في كلام الآدميين ، فما ظنك بكلام رب العالمين ؟ " ثم قال : " وقد بينا في نظم القرآن أن الجملة تشتمل على بلاغة منفردة ، والأسلوب يختص بمعنى آخر من الشرف " . وأطلق لقلمه العنان في وصف القرآن وما اشتمل من جوامع المعاني وعظيم البلاغة وعجيب النظم المفارق لسائر النظوم ، فأتى في ذلك بما يلذ ويشوق . ويعجب ويطرب ، ومن قوله في هذا المعنى : " تجد فيه الحكمة وفصل الخطاب مجلوة عليك في منظر بهيج ، ونظم أنيق ، ومعرض رشيق ، غير معتاص على الاسماع ، ولا مغلق على الافهام ، ولا مستكره في اللفظ ولا مستوحش في المنظر ، غريب في الجنس ، غير غريب في القبيل ، ممتلئ ماء ونضارة ، ولطفا وغضارة ، يسرى في القلب كما يسرى السرور ، ويمر إلى مواقعه كما يمر السهم ، ويضئ كما يضئ الفجر ، ويزخر كما يزخر البحر ، طموح ، العباب ، جموح على المتناول المنتاب ، كالروح في البدن ، والنور المستطير في الأفق ، . والغيث الشامل ، والضياء الباهر ، ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) ، من توهم أن الشعر يلحق شأوه بان ضلاله ، ووضح جهله ، إذ الشعر سمت قد تناولته الألسن ، وتداولته القلوب ، وانثالت عليه الهواجس ، وضرب الشيطان فيه بسهمه ، وأخذ منه بحظه . وما دونه من كلامهم فهو أدنى محلا ، وأقرب مأخذا ، وأسهل مطلبا . والقرآن كتاب دل على صدق متحمله ، ورسالة دلت على صحة قول المرسل بها ، وبرهان شهد له براهين الأنبياء المتقدمين ، . وبينة على طريقة ما سلف إلى الأولين . تحداهم به . إذ كان من جنس القول الذي زعموا أنهم أدركوا فيه النهاية ، وبلغوا فيه الغاية ، فعرفوا عجزهم ، كما عرف قوم عيسى نقصانهم فيما قدروا من بلوغ أقصى الممكن في العلاج ، والوصول إلى أعلى مراتب الطب ، فجاءهم بما بهرهم من إحياء الموتى ، وإبراء الأكمه والأبرص ، وكما أتى موسى بالعصا التي تلقفت ما برعوا فيه من سحرهم ، وأتت
مقدمة المحقق 88
نام کتاب : إعجاز القرآن نویسنده : الباقلاني جلد : 0 صفحه : 88