نام کتاب : إعجاز القرآن نویسنده : الباقلاني جلد : 0 صفحه : 29
على ، وقال : يقول لك الملك : ليس على مائدتي ، ولا في شئ من طعامي شئ تكرهه ، وقد استحسنت ما أتيت به ، وما أنت عندنا كسائر الرسل ، بل أعظم وما كرهت من لحوم الخنازير إنما هو خارج من حضرتي ، بيني وبينه حجاب . فنهضت على كل حال ، وجلست وقدم الطعام ، ومددت يدي وأوهمت الاكل ولم آكل منه شيئا ، مع أنى لم أر على مائدته ما يكره . فلما فرغ من الطعام بخر المجلس وعطره ، ثم قال : هذا الذي تدعونه في معجزات نبيكم : من انشقاق القمر ، كيف هو عندكم ؟ فقلت : هو صحيح عندنا ، انشق القمر على عهد رسول الله حتى رأى الناس ذلك ، وإنما رآه الحضور ومن اتفق نظره إليه في تلك الحال . فقال الملك : وكيف : ولم يره جميع الناس ؟ ! قلت لان الناس لم يكونوا على أهبة ووعد لشقوقه وحضوره فقال : وهذا القمر بينكم وبينه نسبة قرابة ؟ لأي شئ لم تعرفه الروم وغيرها من سائر الناس ، وإنما رأيتموه أنتم خاصة ؟ ! قلت : فهذه المائدة بينكم وبينها نسبة ؟ وأنتم رأيتموها دون اليهود والمجوس والبراهمة وأهل الالحاد ، وخاصة يونان جيرانكم ، فإنهم كلهم منكرون لهذا الشأن ، وأنتم رأيتموها دون غيركم ؟ فتحير الملك ، وقال بكلامه : سبحان الله . وأمر بإحضار فلان القسيس ليكلمني ، وقال : نحن لا نطيقه ، لان صاحبه قال : ما في مملكتي مثله ، ولا للمسلمين في عصره مثله . فلم أشعر إذ جاء برجل كالذئب ، أشقر الشعر ، فقعد ، وحكيت عليه المسألة ، فقال : الذي قاله المسلم لازم ، وهو الحق ، لا أعرف له جوابا إلا ما ذكره فقلت له : أتقول : إن الخسوف إذا كان يراه جميع أهل الأرض ؟ أم يراه أهل الإقليم الذي بمحاذاته ؟ قال : لا يراه إلا من كان في محاذاته . فقلت : فما أنكرت من انشقاق القمر إذا كان في ناحية أن لا يراه أهل تلك
مقدمة المحقق 29
نام کتاب : إعجاز القرآن نویسنده : الباقلاني جلد : 0 صفحه : 29