نام کتاب : إعجاز القرآن نویسنده : الباقلاني جلد : 0 صفحه : 15
كالمتضادين ، لان العذوبة نتاج السهولة ، والجزالة والمتانة في الكلام تعالجان نوعا من الوعورة . فكان اجتماع الامرين في نظمه - مع نبو كل واحد منهما عن الآخر - فضيلة خص بها القرآن " ثم قال : " وإنما تعذر على البشر الاتيان بمثله ، لأمور : منها أن علمهم لا يحيط بجميع أسماء اللغة العربية ، وبأوضاعها التي هي ظروف المعاني ، والحوامل لها . ولا تدرك أفهامهم جميع معاني الأشياء المحمولة على تلك الألفاظ ، ولا تكمل معرفتهم لاستيفاء جميع وجوه النظوم التي بها يكون ائتلافها وارتباط بعضها ببعض ، فيتوصلوا باختيار الأفضل عن الأحسن من وجوهها ، إلى أن يأتوا بكلام مثله . وإنما يقوم الكلام بهذه الأشياء الثلاثة : لفظ حامل ، ومعنى قائم به ، ورباط لهما ناظم . وإذا تأملت القرآن وجدت هذه الأمور منه في غاية الشرف والفضيلة ، حتى لا ترى شيئا من الألفاظ أفصح ولا أجزل ولا أعذب من ألفاظه ، ولا ترى نظما أحسن تأليفا وأشد تلاؤما وتشاكلا من نظمه . وأما المعاني فلا خفاء على ذي عقل أنها هي التي تشهد لها العقول بالتقدم في أبوابها ، والترقي إلى أعلى درجات الفضل من نعوتها وصفاتها . وقد توجد هذه الفضائل الثلاث على التفرق في أنواع الكلام ، فأما أن توجد مجموعة في نوع واحد منه ، فلم توجد إلا في كلام العليم القدير ، الذي أحاط بكل شئ علما ، وأحصى كل شئ عددا . فتفهم الآن ، واعلم أن القرآن أنما صار معجزا لأنه جاء بأفصح الألفاظ ، في أحسن نظوم التأليف ، مضمنا أصح المعاني : من توحيد له - عزت قدرته - وتنزيه له في صفاته ، ودعاء إلى طاعته ، وبيان بمنهاج عبادته : من تحليل وتحريم ، وحظر وإباحة ، ومن وعظ وتقويم ، وأمر بمعروف ، ونهى عن منكر ، وإرشاد إلى محاسن الأخلاق ، وزجر عن مساويها . واضعا كل شئ منها موضعه الذي لا يرى شئ أولى منه ، ولا يرى في صورة العقل أمر أليق منه ، مودعا أخبار القرون الماضية ، وما نزل من مثلات الله بمن عصى وعاند منهم ، منبئا عن الكوائن المستقبلة في الاعصار الباقية من الزمان ، جامعا في ذلك بين الحجة والمحتج له ، والدليل والمدلول عليه ، ليكون ذلك أوكد للزوم ما دعا إليه ، وإنباء عن وجوب
مقدمة المحقق 15
نام کتاب : إعجاز القرآن نویسنده : الباقلاني جلد : 0 صفحه : 15