نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 98
وروى هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أهل الجاهلية اقتصروا في بناء الكعبة ، فأدخلي الحجر وصلي عنده ) ولذلك طاف النبي عليه السلام وأصحابه حول الحجر ليحصل اليقين بالطواف بجميع البيت ، ولذلك أدخله ابن الزبير في البيت لما بناه حين احترق ثم لما جاء الحجاج أخرجه منه . قوله تعالى : ( ربنا تقبل منا ) معناه : يقولان ربنا تقبل فحذف لدلالة الكلام عليه ، كقوله تعالى : ( والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم ) يعني : ( يقولون أخرجوا أنفسكم ) . والتقبل هو إيجاب الثواب على العمل . وقد تضمن ذلك كون بناء المساجد قربة ، لأنهما بنياه لله تعالى فأخبرا باستحقاق الثواب به ، وهو كقوله صلى الله عليه وسلم : ( من بنى مسجدا ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة ) . قوله تعالى : ( وأرنا مناسكنا ) ، يقال إن أصل النسك في اللغة الغسل ، يقال منه : نسك ثوبه إذا غسله ، وقد أنشد فيه بيت شعر : ولا ينبت المرعى سباخ عراعر * ولو نسكت بالماء ستة أشهر وفي الشرع : اسم للعبادة ، يقال : رجل ناسك ، أي عابد . وقال البراء بن عازب : خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى فقال ( إن أول نسكنا في هذا اليوم الصلاة ثم الذبح ) فسمى الصلاة نسكا . والذبيحة على وجه القربة تسمى نسكا ، وإن قال الله تعالى : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) [ البقرة : 196 ] يعني ذبح شاة . ومناسك الحج ما يقتضيه من الذبح وسائر أفعاله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة : ( خذوا عني مناسككم ) والأظهر من معنى قوله : ( وأرنا مناسكنا ) سائر أعمال الحج ، لأن الله تعالى أمرهما ببناء البيت للحج . وقد روى ابن أبي ليلى عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أتى جبريل إبراهيم عليهما السلام فراح به إلى مكة ثم منى ) وذكر أفعال الحج على نحو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجته ، قال : ثم أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ( أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ) [ النحل 123 ] . وكذلك أرسل النبي عليه السلام إلى قوم بعرفات وقوف خلفه وهو واقف بها فقال : ( كونوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث إبراهيم عليه السلام ) . قوله تعالى : ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ) يدل على لزوم اتباع إبراهيم في شرائعه فيما لم يثبت نسخه ، وأفاد بذلك أن من رغب عن ملة محمد صلى الله عليه وسلم فهو راغب عن ملة إبراهيم ، إذ كانت ملة النبي عليه السلام منتظمة لملة إبراهيم وزائدة عليها . باب ميراث الجد قال الله تعالى : ( ألم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من
98
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 98