نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 92
( الطائفين ) من جاء من الحجاج ، ( والعاكفين ) أهل مكة وهم القائمين ، وروى عبد الملك عن عطاء قال : ( العاكفون من انتابه من أهل الأمصار والمجاورين ) . وروى أبو بكر الهذلي قال : ( إذا كان طائفا فهو من الطائفين ، وإذا كان جالسا فهو من العاكفين ، وإذا كان مصليا فهو من الركع السجود ) . وروى ابن فضيل عن ابن عطاء ، عن سعيد ، عن ابن عباس في قوله : ( طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ) قال : ( الطواف قبل الصلاة ) . قال أبو بكر : قول الضحاك ( من جاء من الحجاج فهو من الطائفين ) راجع أيضا إلى معنى الطواف بالبيت ، لأن من يقصد البيت فإنما يقصده للطواف به ، إلا أنه قد خص به الغرباء ، وليس في الآية دلالة التخصيص لأن أهل مكة والغرباء في فعل الطواف سواء . فإن قيل : فإنما تأوله الضحاك على الطائف الذي هو طارئ كقوله تعالى : ( فطاف عليها طائف من ربك ) [ القلم : 19 ] وقوله : ( إذا مسهم طائف من الشيطان ) [ الأعراف : 201 ] قيل له : إنه وإن أراد ذلك فالطواف مراد لا محالة ، لأن الطارئ إنما يقصده للطواف فجعله هو خاصا في بعضهم دون بعض ، وهذا لا دلالة له فيه ، فالواجب إذا حمله على فعل الطواف ، فيكون قوله : ( والعاكفين ) من يعتكف فيه ، وهذا يحتمل وجهين ، أحدهما : الإعتكاف المذكور في قوله : ( وأنتم عاكفون في المساجد ) [ البقرة : 187 فخص البيت في هذا الموضع . والوجه الآخر : المقيمون بمكة اللائذون به ، إذا كان الإعتكاف هو اللبث . وقيل في العاكفين : المجاورون . وقيل : أهل مكة ، وذلك كله يرجع إلى معنى اللبث والإقامة في الموضع . قال أبو بكر : هو على قول من تأول قوله الطائفين على الغرباء يدل على أن الطواف للغرباء أفضل من الصلاة ، وذلك لأن قوله ذلك قد أفاد لا محالة الطواف للغرباء إذا كانوا إنما يقصدونه للطواف ، وأفاد جواز الاعتكاف فيه بقوله : ( والعاكفين ) وأفاد فعل الصلاة فيه أيضا وبحضرته ، فخص الغرباء بالطواف ، فدل على أن فعل الطواف للغرباء أفضل من فعل الصلاة والاعتكاف الذي هو لبث من غير طواف . وقد روي عن ابن عباس ومجاهد وعطاء : أن الطواف لأهل الأمصار أفضل والصلاة لأهل مكة أفضل ، فتضمنت الآية معاني ، منها : فعل الطواف في البيت وهو قربة إلى الله تعالى يستحق فاعله الثواب ، وأنه للغرباء أفضل من الصلاة وفعل الإعتكاف في البيت وبحضرته بقوله ( والعاكفين ) وقد دل أيضا على جواز الصلاة في البيت فرضا كانت أو نفلا ، إذ لم تفرق الآية بين شئ منها ، وهو خلاف قول مالك في امتناعه من جواز فعل الصلاة المفروضة في البيت ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه صلى في البيت يوم فتح مكة ) فتلك الصلاة لا محالة كانت
92
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 92