نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 93
تطوعا ، لأنه صلاها حين دخل ضحى ولم يكن وقت صلاة . وقد دل أيضا على جواز الجوار بمكة ، لأن قوله : ( والعاكفين ) يحتمله إذا كان اسما للبث ، وقد يكون ذلك من المجاز ، على أن عطاء وغيره قد تأوله على المجاورين . ودل أيضا على أن الطواف قبل الصلاة لما تأوله عليه ابن عباس على ما قدمناه . فإن قيل : ليس في تقديم الطواف على الصلاة في اللفظ دلالة على الترتيب لأن الواو لا توجبه . قيل له : قد اقتضى اللفظ فعل الطواف والصلاة جميعا ، وإذا ثبت طواف مع صلاة فالطواف لا محالة مقدم عليها من وجهين ، أحدهما : فعل النبي صلى الله عليه وسلم . والثاني : اتفاق أهل العلم على تقديمه عليها . فإن اعترض معترض على ما ذكرنا من دلالة الآية على جواز فعل الصلاة في البيت ، وزعم أنه لا دلالة في اللفظ عليه ، لأنه لم يقل ( والركع السجود في البيت ) وكما لم يدل على جواز فعل الطواف في جوف البيت وإنما دل على فعله خارج البيت كذلك دلالته مقصورة على جواز فعل الصلاة إلى البيت متوجها إليه . قيل له : ظاهر قوله تعالى : ( طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ) قد اقتضى فعل ذلك في البيت كما دل على جواز فعل الإعتكاف في البيت ، وإنما خرج منه الطواف في كونه مفعولا خارج البيت بدليل الاتفاق ، ولأن الطواف بالبيت إنما هو بأن يطوف حواليه خارجا منه ، ولا يسمى طائفا بالبيت من طاف في جوفه ، والله سبحانه إنما أمرنا بالطواف به لا بالطواف فيه بقوله تعالى : ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) [ الحج : 29 ] ومن صلى داخل البيت يتناوله الإطلاق بفعل الصلاة فيه . وأيضا لو كان المراد التوجه إليه لما كان لذكر تطهير البيت للركع والسجود وجه ، إذ كان حاضروا البيت والناؤون عنه سواء في الأمر بالتوجه إليه ، ومعلوم أن تطهيره إنما هو لحاضريه ، فدل على أنه لم يرد به التوجه إليه دون فعل الصلاة فيه ، ألا ترى أنه أمر بتطهير نفس البيت للركع السجود وأنت متى حملته على الصلاة خارجا كان التطهير لما حول البيت ؟ وأيضا إذا كان اللفظ محتملا للأمرين فالواجب حمله عليهما ، فيكونان جميعا مرادين فيجوز في البيت وخارجه . فإن قيل : كما قال الله تعالى : ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) [ الحج ، 29 ] كذلك قال : ( فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) [ البقرة : 144 ] وذلك يقتضي فعلها خارج البيت فيكون متوجها إلى شطره . قيل له : لو حملت اللفظ على حقيقته فعلى قضيتك أنه لا تجوز الصلاة في المسجد الحرام لأنه قال : ( فول وجهك شطر المسجد الحرام ) [ البقرة : 144 ] ومتى كان فيه فعلى قولك لا يكون متوجها إليه .
93
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 93