responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 91


والأظهر أن يكون هو المراد ، لأن الحرم لا يسمى على الإطلاق مقام إبراهيم ، وكذلك سائر المواضع التي تأوله غيرهم عليها مما ذكرناه . ويدل على أنه هو المراد ما روى حميد عن أنس قال : قال عمر : قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى ! فأنزل الله تعالى : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) ثم صلى . فدل على أن مراد الله تعالى بذكر المقام هو الحجر . ويدل عليه أمره تعالى إيانا بفعل الصلاة ، وليس للصلاة تعلق بالحرم ولا سائر المواضع الذي تأويله عليها من ذكرنا قوله ، وهذا المقام دلالة على توحيد الله ونبوة إبراهيم ، لأنه جعل للحجر رطوبة الطين حتى دخلت قدمه فيه ، وذلك لا يقدر عليه إلا الله ، وهو مع ذلك معجزة لإبراهيم عليه السلام فدل على نبوته .
وقد اختلف في المعنى المراد بقوله : ( مصلى ) فقال فيه مجاهد : ( مدعى ) وجعله من الصلاة إذ هي الدعاء لقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه ) [ الأحزاب :
56 ] . وقال الحسن : ( أراد به قبله ) . وقال قتادة والسدي : ( أمروا أن يصلوا عنده ) . وهذا هو الذي يقتضيه ظاهر اللفظ ، لأن لفظ الصلاة إذا أطلق تعقل منه الصلاة المفعولة بركوع وسجود ، ألا ترى أن مصلى المصر هو الموضع الذي يصلى فيه صلاة العيد ؟ وقال النبي عليه السلام لأسامة بن زيد : ( المصلى أمامك ) يعني به موضع الصلاة المفعولة . وقد دل عليه أيضا فعل النبي صلى الله عليه وسلم بعد تلاوته الآية . وأما قول من قال ( قبلة ) فذلك يرجع إلى معنى الصلاة ، لأنه إنما يجعله المصلى بينه وبين البيت فيكون قبلة له ، وعلى أن الصلاة فيها الدعاء ، فحمله على الصلاة أولى لأنها تنتظم سائر المعاني التي تأولوا عليها الآية :
قوله تعالى : ( وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ) ، قال قتادة وعبيد بن عمير ومجاهد وسعيد بن جبير : ( طهرا من الشرك وعبادة الأوثان التي كانت عليها المشركون قبل أن يصير في يد إبراهيم عليه السلام ) . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما كان فتح مكة دخل المسجد فوجدهم قد نصبوا على البيت الأوثان فأمر بكسرها وجعل يطعن فيها بعود في يده ويقول : ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) . وقيل فيه : طهراه من فرث ودم كان المشركون يطرحونه عنده .
وقال السدي : ( طهرا بيتي ) ابنياه على الطهارة كما قال الله تعالى : ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير ) [ التوبة : 109 ] الآية .
قال أبو بكر : وجميع ما ذكر يحتمله اللفظ غير منافيه ، فيكون معناه : ( ابنياه على تقوى الله وطهراه مع ذلك من الفرث والدم ومن الأوثان أن تجعل فيه أو تقربه ) .
وأما ( الطائفين ) فقد اختلف في مراد الآية منه ، فروى جويبر عن الضحاك قال :

91

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست