نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 89
إنما هو من قبل حكم الله تعالى بالأمن فيه وأن لا يقتل العائذ به واللاجئ إليه ، وكذلك كان حكم الحرم منذ عهد إبراهيم عليه السلام إلى يومنا هذا . وقد كانت العرب في الجاهلية تعتقد ذلك الحرم وتستعظم القتل فيه على ما كان بقي في أيديهم من شريعة إبراهيم عليه السلام ، حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا الأوزاعي قال : حدثنا يحيى ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة ، لا يعضد شجرها ولا ينفذ صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشدها ) فقال العباس : يا رسول الله إلا الأذخر فإنه لقبورنا وبيوتنا . فقال صلى الله عليه وسلم : ( إلا الإذخر ) . حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد وطاوس ، عن ابن عباس في هذه القصة : ( ولا يختلى خلاها ) . وقال : ( إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، لم تحل لأحد قبلي ولم تحل لي إلا ساعة من نهار ) . وروى ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى حرم مكة ولم يحرمها الناس ، فلا يسفكن فيها دم ! وإن الله أحلها لي ساعة من نهار ولم يحلها للناس ) . وأخبر النبي عليه السلام أن الله حرمها يوم خلق السماوات والأرض وحظر فيها سفك الدماء ، وأن حرمتها باقية إلى يوم القيامة . وأخبر أن من تحريمها تحريم صيدها وقطع الشجر والخلا . فإن قال قائل : ما وجه استثنائه الإذخر من الحظر عند مسألة العباس وقد أطلق قبل ذلك حظر الجميع ومعلوم أن النسخ قبل التمكين من الفعل لا يجوز ؟ قيل له : يجوز أن يكون الله تعالى خير نبيه صلى الله عليه وسلم في إباحة الأذخر وحظره عند سؤال من يسأله إباحته ، كما قال تعالى : ( فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم ) [ النور : 62 ] فخيره في الإذن عند المسألة . ومع ما حرم الله تعالى من حرمتها بالنص والتوقيف ، فإن من آياتها ودلالاتها على توحيد الله تعالى واختصاصه لها ما يوجب تعظيمها ما يشاهد فيها من أمن الصيد فيها ، وذلك أن سائر بقاع الحرم مشبهة لبقاع الأرض ويجتمع فيها الظبي والكلب فلا يهيج الكلب الصيد ولا ينفر منه ، حتى إذا خرجا من الحرم عدا الكلب عليه وعاد هو إلى النفور والهرب . وذلك دلالة على توحيد الله سبحانه وتعالى ، وعلى تفضيل إسماعيل عليه السلام وتعظيم شأنه . وقد روي عن جماعة من الصحابة حظر صيد
89
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 89