responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 88


مقصودا ومثابة للطواف . ولا دلالة فيه على وجوبه ، وإنما يدل على أنه يستحق الثواب بفعله .
وربما احتج موجبو العمرة بهذه الآية ، فقالوا : إذا كان الله تعالى قد جعله مثابة للناس يعودون إليه مرة بعد أخرى ، فقد اقتضى العود إليه للعمرة بعد الحج .
وليس هذا بشئ ، لأنه ليس في اللفظ دليل الإيجاب ، وإنما فيه أنه جعل لهم العود إليه ووعدهم الثواب عليه ، وهذا بما يقتضي الندب لا الإيجاب ، ألا ترى أن القائل : لك أن تعتمر ولك أن تصلي ، لا دلالة فيه على الوجوب وعلى أنه لم يخصص العود إليه بالعمرة دون الحج ؟ ومع ذلك فإن الحج فيه طواف القدوم وطواف الزيارة وطواف الصدر ، ويحصل بذلك كله العود إليه مرة بعد أخرى ، فإذا فعل ذلك فقد قضى عهدة اللفظ . فلا دلالة فيه إذا على وجوب العمرة .
وأما قوله تعالى : ( وأمنا ) فإنه وصف البيت بالأمن ، والمراد جميع الحرم كما قال الله تعالى : ( هديا بالغ الكعبة ) [ المائدة : 95 ] والمراد الحرم لا الكعبة نفسها ، لأنه لا يذبح في الكعبة ولا في المسجد ، وكقوله : ( والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ) [ الحج : 25 ] قال ابن عباس : ( وذلك أن الحرم كله مسجد ) .
وكقوله تعالى : ( إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) [ التوبة : 28 ] والمراد والله أعلم منعهم من الحج وحضورهم مواضع النسك ، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم حين بعث بالبراءة مع علي رضي الله عنه : ( وأن لا يحج بعد العام مشرك ) منبئا عن مراد الآية ؟ وقوله تعالى في آية أخرى : ( أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا [ العنكبوت : 67 ] وقال حاكيا عن إبراهيم عليه السلام : ( رب اجعل هذا بدا آمنا ) يدل ذلك على أن وصفه البيت بالأمن اقتضى جميع الحرم ، ولأن حرمة الحرم لما كانت متعلقة بالبيت جاز أن يعبر عنه باسم البيت لوقوع الأمن به وحظر القتال والقتل فيه ، وكذلك حرمة الأشهر الحرم متعلقة بالبيت ، فكان أمنهم فيها لأجل الحج وهو معقود بالبيت .
وقوله : ( وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا ) إنما هو حكم منه بذلك لا خبر ، وكذلك قوله تعالى ( رب اجعل هذا بلدا آمنا ) ( ومن دخله كان آمنا ) [ آل عمران : 97 ] كل هذا من طريق الحكم ، لا على وجه الأخبار بأن من دخله لم يلحقه سوء ، لأنه لو كان خبرا لوجد مخبره على ما أخبر به ، لأن أخبار الله تعالى لا بد من وجودها على ما أخبر به . وقد قال في موضع آخر ( ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم ) [ البقرة : 191 ] فأخبر بوقوع القتل فيه ، فدل أن الأمر المذكور

88

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست