نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 87
عليه السلام إلى أن توفاه الله تعالى إلى جنته ورضوانه . فليس إذا في ولاية القضاء من قبلهم ولا أخذ العطاء منهم دلالة على توليتهم واعتقاد إمامتهم . وربما احتج بعض أغبياء الرفضة بقوله تعالى : ( لا ينال عهدي الظالمين ) في رد إمامة أبي بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه ، لأنهما كانا ظالمين حين كانا مشركين في الجاهلية . وهذا جهل مفرط ، لأن هذه السمة إنما تلحق من كان مقيما على الظلم ، فأما التائب منه فهذه السمة زائلة عنه ، فلا جائز أن يتعلق به حكم ، لأن الحكم إذا كان معلقا بصفة فزالت الصفة زال الحكم ، وصفة الظلم صفة ذم ، فإنما يلحقه ما دام مقيما عليه ، فإذا زال عنه زالت الصفة عنه ، كذلك يزول عنه الحكم الذي علق به من نفي نيل العهد في قوله تعالى : ( لا ينال عهدي الظالمين ) ألا ترى أن قوله تعالى ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ) [ هود : 113 ] إنما هو نهي عن الركون إليهم ما أقاموا على الظلم ؟ وكذلك قوله تعالى : ( ما على المحسنين من سبيل ) [ التوبة 91 ] إنما هو ما أقاموا على الإحسان فقوله : ( لا ينال عهدي الظالمين ) لم ينف به العهد عمن تاب عن ظلمه ، لأنه في هذه الحالة لا يسمى ظالما كما لا يسمى من تاب من الكفر كافرا ومن تاب من الفسق فاسقا ، وإنما يقال كان كافرا وكان فاسقا وكان ظالما ، والله تعالى لم يقل : ( لا ينال عهدي : من كان ظالما وإنما نفى ذلك عمن كان موسوما بسمة الظالم والاثم لا لازم له باق عليه . وقوله تعالى : ( وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا ) ، أما البيت فإنه يريد بيت الله الحرام ، واكتفى بذكر البيت مطلقا لدخول الألف واللام عليه إذ كانا يدخلان لتعريف المعهود أو الجنس ، وقد علم المخاطبون أنه لم يرد الجنس فانصرف إلى المعهود عندهم وهو الكعبة . وقوله : ( مثابة للناس ) روي عن الحسن أن معناه أنهم يثوبون إليه في كل عام . وعن ابن عباس ومجاهد : أنه لا ينصرف عنه أحد وهو يرى أنه قد قضى وطرا منه ، فهم يعودون إليه . وقيل فيه : إنهم يحجون إليه فيثابون عليه . قال أبو بكر : قال أهل اللغة : أصله من ثاب يثوب مثابة وثوابا : إذا رجع ، قال بعضهم : إنما أدخل الهاء عليه للمبالغة لما كثر من يثوب إليه ، كما يقال نسابة وعلامة وسيارة . وقال الفراء : هو كما قيل المقامة والمقام . وإذا كان اللفظ محتملا لما تأوله السلف من رجوع الناس إليه في كل عام ، ومن قول من قال إنه لا ينصرف عنه أحد إلا وهو يحب العود إليه ومن أنهم يحجون إليه فيثابون ، أن يكون المراد ذلك كله . ويشهد لقول من قال أنهم يحبون العود إليه بعد الانصراف قوله تعالى : ( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) [ إبراهيم : ، 37 ] وقد نص هذا اللفظ على فعل الطواف ، إذ كان البيت
87
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 87