نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 83
قال أبو بكر : ولما كان التقصير مسنونا في الشارب عند الجميع كان الحلق أفضل ، قال النبي عليه السلام : ( رحم الله المحلقين - ثلاثا ) ودعا للمقصرين مرة . فجعل حلق الرأس أفضل من التقصير . وما احتج به مالك أن عمر كان يفتل شاربه إذا غضب فجائز أن يكون كان يتركه حتى يمكن فتله ثم يحلقه كما ترى كثيرا من الناس يفعله . وقوله تعالى : ( إني جاعلك للناس إماما ) فإن الإمام من يؤتم به في أمور الدين من طريق النبوة ، وكذلك سائر الأنبياء أئمة عليهم السلام لما ألزم الله تعالى الناس من اتباعهم والائتمام بهم في أمور دينهم ، فالخلفاء أئمة لأنهم رتبوا في المحل الذي يلزم الناس اتباعهم وقبول قولهم وأحكامهم ، والقضاة والفقهاء أئمة أيضا ، ولهذا المعنى الذي يصلي بالناس يسمى إماما لأن من دخل في صلاته لزمه الاتباع له والائتمام به . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به ، فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا ) وقال : ( لا تختلفوا على إمامكم ) فثبت بذلك أن اسم الإمامة مستحق لمن يلزم اتباعه والاقتداء به في أمور الدين أو في شئ منها . وقد يسمى بذلك من يؤتم به في الباطل ، إلا أن الإطلاق لا يتناوله ، قال الله تعالى ( وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ) [ القصص : 41 ] فسموا أئمة لأنهم أنزلوهم بمنزلة من يقتدى بهم في أمور الدين وإن لم يكونوا أئمة يجب بهم كما قال الله تعالى : ( فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون ) [ هود : 101 ] وقال : ( وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا ) [ طه : 97 ] يعني في زعمك واعتقادك . وقال النبي عليه السلام : ( أخوف ما أخاف على أمتي أئمة مضلون ) والإطلاق إنما يتناول من يجب الإئتمام به في دين الله تعالى وفي الحق والهدى ، ألا ترى أن قوله تعالى : ( إني جاعلك للناس إماما ) قد أفاد ذلك من غير تقييد ، وأنا لما ذكر أئمة الضلال قيده بقوله ( يدعون إلى النار ) [ البقرة : 221 ] . وإذا ثبت أن اسم الإمامة يتناول ما ذكرناه ، فالأنبياء عليهم السلام في أعلى رتبة الإمامة ، ثم الخلفاء الراشدون بعد ذلك ، ثم العلماء والقضاة العدول ومن ألزم الله تعالى الاقتداء بهم ، ثم الإمامة في الصلاة ونحوها . فأخبر الله تعالى في هذه الآية عن إبراهيم عليه السلام أنه جاعله للناس إماما وأن إبراهيم سأله أن يجعل من وله أئمة بقوله : ( ومن ذريتي ) لأنه عطف على الأول فكان بمنزلة ( واجعل من ذريتي أئمة ) ويحتمل أن يريد بقوله ( ومن ذريتي ) مسألته تعريفه هل يكون من ذريتي أئمة ؟ فقال تعالى في جوابه : ( لا ينال عهدي الظالمين ) فحوى ذلك معنيين أنه سيجعل من ذريته أئمة إما على وجه تعريفه ما سأله أن يعرفه إياه ، وإما على وجه إجابته إلى ما سأل لذريته إذا كان قوله ( ومن ذريتي ) مسألته أن يجعل من ذريته أئمة . وجائز أن يكون أراد الأمرين جميعا ،
83
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 83