responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 84


وهو مسئلته أن يجعل من ذريته أئمة وأن يعرفه ذلك ، وأنه إجابة إلى مسئلته لأنه لو لم يكن منه إجابة إلى مسئلته لقال : ( ليس في ذريتك أئمة ) أو قال : ( لا ينال عهدي من ذريتك أحد ) فلما قال : ( لا ينال عهدي الظالمين ) دل على أن الإجابة قد وقعت له في أن في ذريته أئمة ، ثم قال : ( لا ينال عهدي الظالمين ) فأخبر أن الظالمين من ذريته لا يكونون أئمة ولا يجعلهم موضع الاقتداء بهم . وقد روي عن السدي في قوله تعالى : ( لا ينال عهدي الظالمين ) أنه النبوة . وعن مجاهد : أنه أراد أن الظالم لا يكون إماما . وعن ابن عباس ، أنه قال : لا يلزم الوفاء بعهد الظالم ، فإذا عقد عليك في ظلم فانقضه ، وقال الحسن : ليس لهم عند الله عهد يعطيهم عليه خيرا في الآخرة .
قال أبو بكر : جميع ما روي من هذه المعاني يحتمله اللفظ ، وجائز أن يكون جميعه مراد الله ، تعالى وهو محمول على ذلك عندنا ، فلا يجوز أن يكون الظالم نبيا ولا خليفة لنبي ولا قاضيا ، ولا من يلزم الناس قبول قوله في أمور الدين من مفت أو شاهد أو مخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا ، فقد أفادت الآية أن شرط جميع من كان في محل الائتمام به في أمر الدين العدالة والصلاح ، وهذا يدل أيضا على أئمة الصلاة ينبغي أن يكونوا صالحين غير فساق ولا ظالمين لدلالة الآية على شرط العدالة لمن نصب منصب الإئتمام به في أمور الدين ، لأن عهد الله هو أوامره ، فلم يجعل قبوله عن الظالمين منهم وهو ما أودعهم من أمور دينه وأجاز قولهم فيه وأمر الناس بقوله منهم والاقتداء بهم فيه ، ألا ترى إلى قوله تعالى : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ) [ يس : 60 ] يعني أقدم إليكم الأمر به ، وقال تعالى ( الذين قالوا إن الله عهد إلينا ) [ آل عمران : 183 ] ومنه عهد الخلفاء إلى أمرائهم وقضاتهم إنما هو ما يتقدم به إليهم ليحملوا الناس عليه ويحكموا به فيهم ، وذلك لأن عهد الله إذا كان إنما هو أوامره لم يخل قوله : ( لا ينال عهدي الظالمين ) من أن يريد أن الظالمين غير مأمورين أو أن الظالمين لا يجوز أن يكونوا بمحل من يقبل منهم أوامر الله تعالى وأحكامه ولا يؤمنون عليها ، فلما بطل الوجه الأول لاتفاق المسلمين على أن أوامر الله تعالى لازمة للظالمين كلزومها لغيرهم وأنهم إنما استحقوا سمة الظلم لتركهم أوامر الله ، ثبت الوجه الآخر وهو أنهم غير مؤتمنين على أوامر الله تعالى وغير مقتدى بهم فيها ، فلا يكونون أئمة في الدين ، فثبت بدلالة هذه الآية بطلان إمامة الفاسق وأنه لا يكون خليفة ، وأن من نصب نفسه في هذا المنصب وهو فاسق لم يلزم الناس اتباعه ولا طاعته ، وكذلك قال النبي عليه السلام :
( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) . ودل أيضا على أن الفاسق لا يكون حاكما ، وأن أحكامه لا تنفذ إذا ولي الحكم ، وكذلك لا تقبل شهادته ولا خبره إذا أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ،

84

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست