responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 653


صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) وتلا عند ذلك : ( وأقم الصلوات لذكري ) [ طه : 14 ] فدل على أن مراد الله تعالى بقوله : ( أقم الصلوات لذكري ) [ طه : 14 ] فعل المنسية منها عند الذكر . وقال تعالى : ( واذكر ربك إذا نسيت ) [ الكهف : 24 ] وذلك عموم في لزومه قضاء كل منسي عند ذكره . ولا خلاف بين الفقهاء في أن ناسي الصوم والزكاة وسائر الفروض بمنزلة ناسي الصلاة في لزوم قضائها عند ذكرها ، وكذلك قال أصحابنا في المتكلم في الصلاة ناسيا : إنه بمنزلة العامد ، لأن الأصل أن العامد الناسي في حكم الفروض سواء ، وإنه لا تأثير للنسيان في اسقاط شئ منها إلا ما ورد به التوقيف ، ولا خلاف أن تارك الطهارة ناسيا كتاركها عامدا في بطلان حكم صلاته . وكذلك قالوا في الأكل في نهار شهر رمضان ناسيا : إن القياس فيه إيجاب القضاء ، وإنهم إنما تركوا القياس فيه للأثر . ومع ما ذكرنا فإن الناسي مؤد لفرضه على أي وجه فعله ، إذ لم يكلفه الله في تلك الحال غيره ، وإنما القضاء فرض آخر ألزمه الله تعالى بالدلائل التي ذكرنا ، فكان تأثير النسيان في سقوط المأثم فحسب ، فأما في لزوم فرض فلا . وقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ) مقصور على المأثم أيضا دون رفع الحكم ، ألا ترى أن الله تعالى قد نص على لزوم حكم قتل الخطأ في إيجاب الدية والكفارة ؟ فلذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم النسيان مع الخطأ ، وهو على هذا المعنى .
فإن قال قائل : من أصلكم إيجاب فرض التسمية على الذبيحة ، ولو تركها عامدا كانت ميتة وإذا تركها ناسيا حلت وكانت مذكاة ، ولم تجعلوها بمنزلة تارك الطهارة ناسيا حتى صلى فيكون مأمورا بإعادتها بالطهارة قطعا ، وكذلك الكلام في الصلاة ناسيا . قيل له : لما بينا من أنه لم يكلف في الحال غير ما فعل على وجه النسيان ، والذي لزمه بعد الذكر فرض مبتدأ آخر ، وكذلك نجيز في هذه القضية أن لا يكون مكلفا في حال النسيان للتسمية ، فصحت الزكاة ، ولا تتأتى بعد الزكاة فيه ذبيحة أخرى فيكون مكلفا لها كما كلف إعادة الصلاة والصوم ونحوه .
قوله تعالى : ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) هو مثل قوله تعالى : ( ولا تكسب كل نفس إلا عليها ) [ الأنعام : 164 ] وقوله : ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ) [ النجم : 39 و 40 ] . وفيه الدلالة على أن كل واحد من المكلفين فأحكام أفعاله متعلقة به دون غيره ، وإن أحدا لا يجوز تصرفه على غيره ولا يؤاخذ بجريرة سواه ، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي رمثة حين رآه مع ابنه فقال : ( هذا ابنك ؟ ) قال : نعم ! قال :
( إنك لا تجني عليه ولا يجني عليك ) . وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤاخذ أحد بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه ) فهذا هو العدل الذي لا يجوز في العقول غيره .

653

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 653
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست