responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 654


وقوله تعالى : ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) يحتج به في نفي الحجر وامتناع تصرف أحد من قاض أو غيره على سواه ببيع ماله أو منعه منه إلا ما قامت الدلالة على خصوصه . ويحتج به في بطلان مذهب مالك بن أنس في أن من أدى دين غيره بغير أمره أن له أن يرجع به عليه ، لأن الله تعالى إنما جعل كسبه له وعليه ومنع لزومه غيره .
قوله عز وجل : ( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) قد قيل في معنى الإصر إنه الثقل . وأصله في اللغة يقال إنه العطف ، ومنه أواصر الرحم ، لأنها تعطفه عليه ، والواحد آصر . والمأصر يقال إنه حبل يمد على طريق أو نهر تحبس به المارة ويعطفون به على النفوذ ليؤخذ منهم العشور والمكس . والمعنى في قوله : ( ولا تحمل علينا إصرا ) يريد به عهدا ، وهو الأمر الذي يثقل ، روي نحوه عن ابن عباس ومجاهد وقتادة . وهو في معنى قوله تعالى : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) [ الحج : 78 ] يعني من ضيق ، وقوله : ( يريد الله بكم اليسر ) [ البقرة : 185 ] الآية ، وقوله تعالى : ( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ) [ المائدة : 6 ] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( جئتكم بالحنيفية السمحة ) . وروي عنه ( أن بني إسرائيل شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ) . فقوله :
( ولا تحمل علينا إصرا ) يعني من ثقل الأمر والنهي ( كما حملته على الذين من قبلنا ) وهو كقوله : ( ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ) [ الأعراف : 157 ] .
وهذه الآية ونظائرها يحتج بها على نفي الحرج والضيق والثقل في كل أمر اختلف الفقهاء فيه وسوغوا فيه الاجتهاد ، فالموجب للثقل والضيق والحرج محجوج بالآية ، نحو إيجاب النية في الطهارة وإيجاب الترتيب فيها وما جرى مجرى ذلك في نفي الضيق والحرج يجوز لنا الاحتجاج بالظواهر التي ذكرناها .
قوله تعالى : ( ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به ) قيل فيه وجهان ، أحدهما : ما يشتد ويثقل من التكليف كنحو ما كلف بنو إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم ، وجائز أن يعبر بما يثقل أنه لا يطيقه ، كقولك ( ما أطيق كلام فلان ولا أقدر أن أراه ) ولا يراد به نفي القدرة ، وإنما يريدون أنه يثقل عليه فيكون بمنزلة العاجز الذي لا يقدر على كلامه ورؤيته لبعده من قلبه وكراهته لرؤيته وكلامه . وهو كما قال تعالى : ( وكانوا لا يستطيعون سمعا ) [ الكهف 101 ] وقد كانت لهم أسماع صحيحة ، إلا أن المراد أنهم استثقلوا استماعه فأعرضوا عنه وكانوا بمنزلة من لم يسمع . والوجه الثاني : أن لا يحملنا من العذاب مالا نطيقه . وجائز أن يكون المراد الأمرين جميعا ، والله أعلم بالصواب .
تم الجزء الأول ويليه الجزء الثاني وأوله سورة آل عمران .
< / لغة النص = عربي >

654

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 654
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست