نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 652
يستطيع فعله ، ولا خلاف في ذلك بين الأمة . وقد وردت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من لم يستطع الصلاة قائما فغير مكلف للقيام فيها ، ومن لم يستطعها قاعدا فغير مكلف للقعود بل يصليها على جنب يومئ إيماء ، لأنه غير قادر عليها إلا على هذا الوجه ، ونص التنزيل قد أسقط التكليف عمن لا يقدر على الفعل ولا يطيقه . وزعم قوم جهال أن نسبت إلى الله فعل السفه والعبث ، فزعموا أن كل ما أمر به أحد من هل التكليف أو نهى عنه ، فالمأمور به منه غير مقدور على فعله والمنهي عنه غير مقدور على تركه . وقد أكذب الله قيلهم بما نص عليه من أنه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، مع ما قد دلت عليه العقول من قبح تكليف ما لا يطاق وأن العالم بالقبيح المستغنى عن فعله لا يقع منه فعل القبيح ، ومما يتعلق بذلك من الأحكام سقوط الفرض عن المكلفين فيما لا تتسع له قواهم ، لأن الوسع هو دون الطاقة ، وأنه ليس عليهم استفراغ المجهود في أداء الفرض نحو الشيخ الكبير الذي يشق عليه الصوم ويؤديه إلى ضرر يلحقه في جسمه : وإن لم يخش الموت بفعله فليس عليه صومه لأن الله لم يكلفه إلا ما يتسع لفعله ولا يبلغ به حال الموت . وكذلك المريض الذي يخشى ضرر الصوم وضرر استعمال الماء ، لأن الله قد أخبر أنه لا يكلف أحدا إلا ما اتسعت له قدرته وإمكانه دون ما يضيق عليه ويعنته ، وقال الله تعالى : ( ولو شاء الله لأعنتكم ) [ البقرة : 220 ] وقال في صفة النبي صلى الله عليه وسلم : ( عزيز عليه ما عنتم ) [ التوبة : 128 ] . فهذا حكم مستمر في سائر أوامر الله وزواجره ولزوم التكليف فيها على ما يتسع له ويقدر عليه . قوله عز وجل : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) قال أبو بكر : النسيان على وجهين ، أحدهما : أنه قد يتعرض الانسان للفعل الذي يقع معه النسيان فيحسن الاعتذار به إذا وقعت منه جناية على وجه السهو . والثاني : أن يكون النسيان بمعنى ترك المأمور به لشبهة تدخل عليه أو سوء تأويل ، وإن لم يكن الفعل نفسه واقعا على وجه السهو فيحسن أن يسأل الله مغفرة الأفعال الواقعة على هذا الوجه . والنسيان بمعنى الترك مشهور في اللغة ، قال الله تعالى : ( نسوا الله فنسيهم ) [ التوبة : 67 ] يعني تركوا أمر الله تعالى فلم يستحقوا ثوابه ، فأطلق اسم النسيان على الله تعالى على وجه مقابلة الاسم كقوله : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) [ البقرة : 194 ] وقوله : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) [ الشورى : 40 ] قال أبو بكر : النسيان الذي هو ضد الذكر فإن حكمه مرفوع فيما بين العبد وبين الله تعالى في استحقاق العقاب ، والتكليف في مثله ساقط عنه والمؤاخذة به في الآخرة غير جائزة : لا أنه لا حكم له فيما يكلفه من العبادات ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص على لزوم حكم كثير منها مع النسيان ، واتفقت الأمة أيضا على حكمها ، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( من نام عن
652
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 652