responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 651


من الشك والنفاق . وروي عن الربيع بن أنس مثل ذلك . وقال عمرو بن عبيد : كان الحسن يقول : هي محكمة لم تنسخ . وروي عن مجاهد أنها محكمة في الشك واليقين .
قال أبو بكر : لا يجوز أن تكون منسوخة لمعنيين : أحدهما أن الأخبار لا يجوز فيها النسخ لأن نسخ مخبرها يدل على البداء والله تعالى عالم بالعواقب غير جائز عليه البداء .
والثاني : أنه لا يجوز تكليف ما ليس في وسعها لأنه سفه وعبث والله تعالى يتعالى عن فعل العبث . وإنما قول من روي عنه أنها منسوخة فإنه غلط من الراوي في اللفظ ، وإنما أراد بيان معناها وإزالة التوهم عن صرفه إلى غير وجهه . وقد روى مقسم عن ابن عباس : أنها نزلت في كتمان الشهادة ، وروي عن عكرمة مثله . وروي عن غيرهما أنها في سائر الأشياء . وهذا أولى ، لأنه عموم مكتف بنفسه ، فهو عام في الشهادة وغيرها . ومن نظائر ذلك في المؤاخذة بكسب القلب قوله تعالى : ( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) [ البقرة : 225 ] ، وقال تعالى : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم ) [ النور : 19 ] ، وقال تعالى : ( في قلوبهم مرض ) [ البقرة : 10 ] أي شك .
فإن قيل : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله عفا لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا به أو يعملوا به ) . قيل له : هذا فيما يلزمه من الأحكام فلا يقع عتقه ولا طلاقه ولا بيعه ولا صدقته ولا هبته بالنية ما لم يتكلم به ، وما ذكر في الآية فيما يؤاخذ به مما بين العبد وبين الله تعالى : وقد روى الحسن بن عطية عن أبيه عن عطية عن ابن عباس في قوله تعالى : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) فقال : سر عملك وعلانيته يحاسبك به الله ، وليس من عبد مؤمن يسر في نفسه خيرا ليعمل به ، فإن عمل به كتب له به عشر حسنات وإن هو لم يقدر يعمل به كتب له به حسنة من أجل أنه مؤمن ، وأن الله رضى بسر المؤمنين وعلانيتهم ، وإن كان شرا حدث به نفسه اطلع الله عليه أخبر به يوم تبلى السرائر ، فإن هو لم يعمل به لم يؤاخذه الله به حتى يعمل ، فإن هو عمل به تجاوز الله عنه كما قال : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم ) [ الأحقاف : 16 ] وهذا على معنى قوله : ( إن الله عفا لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا به أو يعملوا به ) .
قوله تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) فيه نص على أن الله تعالى لا يكلف أحدا مالا يقدر عليه ولا يطيقه ، ولو كلف أحدا مالا يقدر عليه ولا يستطيعه لكان مكلفا له ما ليس في وسعه ، ألا ترى قول القائل ( ليس في وسعي كيت وكيت ) بمنزلة قوله ( لا أقدر عليه ولا أطيقه ) ؟ بل الوسع دون الطاقة . ولم تختلف الأمة في أن الله لا يجوز أن يكلف الزمن المشي والأعمى البصر والأقطع اليدين البطش ، لأنه لا يقدر عليه ولا

651

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 651
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست