نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 64
فعل السحر . وهذا يدل على أن الساحر كافر ، وإذا ثبت كفره فإن كان مسلما قبل ذلك أو قد ظهر منه الاسلام في وقت كفر بفعل السحر فاستحق القتل بقوله عليه السلام : ( من بدل دينه فاقتلوه ) . وإنما قال أبو حنيفة - ولا نعلم أحدا من أصحابنا خالفه فيما ذكره الحسن عنه - : ( أنه يقتل ولا يستتاب ) . فأما ما روي عن أبي يوسف في فرق أبي حنيفة بين الساحر وبين المرتدين ، فإن الساحر قد جمع إلى كفره السعي بالفساد في الأرض . فإن قال قائل : فأنت لا تقتل الخناق والمحاربين إلا إذا قتلوا ، فهلا قلت مثله في الساحر ! قيل له : يفترقان من جهة أن الخناق والمحارب لم يكفرا قبل القتل ولا بعده فلم يستحقا القتل ، إذ لم يتقدم منهما سبب يستحقان به القتل . وأما الساحر فقد كفر بسحره قتل به أو لم يقتل ، فاستحق القتل بكفره . ثم لما كان مع كفره ساعيا في الأرض بالفساد كان وجوب قتله حدا ، فلم يسقط بالتوبة كالمحارب إذا استحق القتل لم يسقط ذلك عنه بالتوبة ، فهو مشبه للمحارب الذي قتل في أن قتله حد لا تزيله عنه التوبة ، ويفارق المرتد من جهة أن المرتد يستحق القتل بإقامته على الكفر فحسب فمتى انتقل عنه زال عنه الكفر والقتل . ولما وصفنا من ذلك لم يفرقوا بين الساحر من أهل الذمة ومن المسلمين ، كما لا يختلف حكم المحارب من أهل الذمة والإسلام فيما يستحقونه بالمحاربة ، ولذلك لم تقتل المرأة الساحرة لأن المرأة من المحاربين عندهم لا تقتل حدا وإنما تقتل قودا . ووجه آخر لقول أبي حنيفة في ترك استتابة الساحر ، وهو ما ذكره الطحاوي قال : حدثنا سليمان بن شعيب عن أبيه عن أبي يوسف في نوادر ذكرها عنه أدخلها في أماليه عليهم قال : قال أبو حنيفة : ( اقتلوا الزنديق سرا فإن توبته لا تعرف ) . ولم يحك أبو يوسف خلافه . ويصح بناء مسألة الساحر عليه ، لأن الساحر يكفر سرا فهو بمنزلة الزنديق فالواجب أن لا تقبل توبته . فإن قيل : فعلى هذا ينبغي أن لا يقتل الساحر من أهل الذمة لأن كفره ظاهر وهو غير مستحق للقتل لأجل الكفر ! قيل له : الكفر الذي أقررناه عليه هو ما أظهره لنا ، وأما الكفر الذي صار إليه بسحره فإنه غير مقر عليه ولم نعطه الذمة على إقراره عليه ، ألا ترى أنه لو سألنا إقراره على السحر بالجزية لم نجبه إليه ولم نجز إقراره عليه ؟ ولا فرق بينه وبين الساحر من أهل الملة . وأيضا ، فلو أن الذمي الساحر لم يستحق القتل بكفره لاستحقه بسعيه في الأرض بالفساد كالمحاربين على النحو الذي ذكرنا . وقوله في ترك قبول توبة الزنديق ، يوجب أن لا يستتاب الإسماعيلية وسائر الملحدين الذين قد علم منهم اعتقاد الكفر كسائر الزنادقة وأن يقتلوا مع إظهارهم التوبة . ويدل على وجوب قتل الساحر ما حدثنا به ابن قانع : حدثنا بشر بن موسى قال :
64
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 64