responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 65


حدثنا ابن الأصبهاني قال : حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن ابن جندب ، أن النبي عليه السلام قال : ( حد الساحر ضربه بالسيف ) . وقصة جندب في قتله الساحر بالكوفة عند الوليد بن عقبة مشهورة . وقوله عليه السلام : ( حد الساحر ضربه بالسيف ) قد دل على معنيين ، أحدهما : وجوب قتله ، والثاني : أنه حد لا يزيله التوبة كسائر الحدود إذا وجبت . ولما ذكرنا من قتله على وجه قتل المحارب قالوا فيما حدثنا الحسن بن زياد : إنه إذا قال ( كنت ساحرا وقد تبت ) أنه لا يقتل ، كمن أقر أنه كان محاربا وجاء تائبا أنه لا يقتل ، لقوله تعالى في شأن المحاربين : ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ) [ المائدة : 34 ] فاستثنى التائب قبل القدرة عليه من جملة من أوجب عليه الحد المذكور في الآية . ويستدل بظاهر قوله تعالى :
( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ) [ المائدة : 33 ] إلى آخر الآية ، على وجوب قتل الساحر حدا ، لأنه من أهل السعي في الأرض بالفساد لعمله السحر واستدعائه الناس إليه وإفساده إياهم مع ما صار إليه من الكفر .
وأما مالك بن أنس فإنه أجرى الساحر مجرى الزنديق ، فلم يقبل توبته كما لا يقبل توبة الزنديق ، ولم يقتل ساحر أهل الذمة لأنه غير مستحق للقتل بكفره . وقد أقررناه عليه ، فلا يقتل إلا أن يضر بالمسلمين فيكون ذلك عنده نقضا للعهد فيقتل كما يقتل الحربي . وقد بينا موافقة الساحر الذمي للزنديق من قبل أنه استحدث كفرا سرا ، لا يجوز إقراره عليه بجزية ولا غيرها ، فلا فرق بينه وبين الساحر ممن ينتحل ملة الاسلام ، ومن جهة أخرى أنه في معنى المحارب فلا يختلف حكم أهل الذمة ومنتحلي الذمة .
وأما مذهب الشافعي فقد بينا خروجه عن أقاويل السلف ، لأن أحدا منهم لم يعتبر قتله بسحره وأوجبوا قتله على الإطلاق بحصول الاسم له ، وهو مع ذلك لا يخلو من أحد وجهين في ذكره قتل الساحر بغيره : إما أن يجيز على الساحر قتل غيره من غير مباشرة ولا اتصال سبب إليه على حسب ما يدعيه السحرة ، وذلك فظيع شنيع ولا يجيزه أحد من أهل العلم بالله ورسوله من فعل السحرة لما وصفنا من مضاهاته أعلام الأنبياء عليهم السلام . أو أن يكون إنما أجاز ذلك من جهة سقي الأدوية ونحوها ، فإن كان هذا أراد فإن من احتال في إيصال دواء إلى انسان حتى شربه فإنه لا يلزمه دية ، إذ كان هو الشارب له والجاني على نفسه ، كمن دفع إلى انسان سيفا فقتل به نفسه ، وإن كان إنما أوجره إياه من غير اختيار لشربه ، فإن هذا لا يكاد يقع إلا في حال الإكراه والنوم ونحوه . فإن كان أراد ذلك فإن هذا يستوي فيه الساحر وغيره . ثم قوله : ( إذا قال الساحر قد أخطئ وأصيب

65

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 65
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست