responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 63


كذابا . فإنما كفر هذه الطائفة من هذا الوجه ، وهو جهله بصدق الأنبياء عليهم السلام .
والأظهر من أمر الساحر الذي رأت الصحابة قتله من غير بحث منهم عن حاله ولا بيان لمعاني سحره أنه الساحر المذكور في قوله تعالى : ( يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ) وهو الساحر الذي بدأنا بذكره عند ذكرنا ضروب السحر ، وهو سحر أهل بابل في القديم ، وعسى أن يكون هو الأغلب الأعم في ذلك الوقت ، ولا يبعد أن يكون في ذلك الوقت من يتعاطى سائر ضروب السحر الذي ذكرنا . وكانوا يجرون في دعواهم الأخبار بالغيوب وتغيير صور الحيوان على منهاج سحرة بابل ، وكذلك كهان العرب يشمل الجميع اسم الكفر لظهور هذه الدعاوى منهم وتجويزهم مضاهاة الأنبياء في معجزاتهم . وعلى أي وجه كان معنى السحر عند السلف فإنه لم يحك عن أحد إيجاب قتل الساحر من طريق الجناية على النفوس ، بل إيجاب قتله باعتقاده عمل السحر من غير اعتبار منهم لجنايته على غيره ، فأما ما يفعله المشعوذون وأصحاب الحركات والخفة بالأيدي ، وما يفعله من يتعاطى ذلك بسقي الأدوية المبلدة للعقل أو السموم القاتلة ، ومن يتعاطى ذلك بطريق السعي بالنمائم والوشاية والتضريب والإفساد ، فإنهم إذا اعترفوا بأن ذلك حيل ومخاريق ، حكم من يتعاطى مثلها من الناس لم يكن كافرا وينبغي أن يؤدب ويزجر عن ذلك .
والدليل على أن الساحر المذكور في الآية مستحق لاسم الكفر قوله تعالى :
( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ) أي على عهد سليمان ، روي ذلك عن المفسرين . وقوله ( تتلوا ) معناه تخبر وتقرأ .
ثم قوله تعالى ( وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا ) يدل على أن ما أخبرت به الشياطين وادعته من السحر على سليمان كان كفرا ، فنفاه الله عن سليمان وحكم بكفر الشياطين الذين تعاطوه وعملوه ، ثم عطف على ذلك قوله تعالى : ( وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ) فأخبر عن الملكين أنهما يقولان لمن يعلمانه ذلك : لا تكفر بعمل هذا السحر واعتقاده !
فثبت أن ذلك كفر إذا عمل به واعتقده .
ثم قال : ( ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ) يعني ، والله أعلم :
من استبدل السحر بدين الله ماله في الآخرة من خلاق ، يعني من نصيب . ثم قال :
( ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون ) ، فجعل ضد هذا الإيمان فعل السحر ، لأنه جعل الإيمان في مقابلة

63

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست