نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 630
يقضى به في الأموال إذا لم يبين كيفيتها ، وليس القضاء بها في الأموال بأولى منه في غيرها . فإن قيل : إنما يقضى به فيما تقبل فيه شهادة رجل وامرأتين وهو الأموال ، فتقوم يمين الطالب مقام شاهد واحد مع شهادة الآخر . قيل له : هذه دعوى لا دلالة عليها ، ومع ذلك فكيف صارت يمين الطالب قائمة مقام شاهد آخر دون أن تقوم مقام امرأة ؟ ويقال له : أرأيت لو كان المدعي امرأة ، هل تقيم يمينها مقام شهادة رجل ؟ فإن قال : نعم ، قيل له ، فقد صارت اليمين آكد من الشهادة ، لأنك لا تقبل شهادة امرأة واحدة في الحقوق وقبلت يمينها وأقمتها مقام شهادة رجل واحد ، والله تعالى إنما أمرنا بقبول من نرضى من الشهداء ، وإن كانت هذه شهادة أو قامت يمينها مقام شهادة رجل فقد خالفت القرآن ، لأن أحدا لا يكون مرضيا فيما يدعيه لنفسه . ومما يدل على تناقض قولهم ، أنه لا خلاف أن شهادة الكافر غير مقبولة على المسلم في عقود المداينات ، وكذلك شهادة الفاسق غير مقبولة ، ثم إن كان المدعي كافرا أو فاسقا وشهد منه شاهد واحد استحلفوه واستحق ما يدعيه بيمينه . وهو لو شهد مثل هذه الشهادة لغيره وحلف عليها خمسين يمينا لم تقبل شهادته ، ولا أيمانه ، وإذا ادعى لنفسه وحلف استحق ما ادعى بقوله مع أنه غير مرضي ولا مأمون لا في شهادته ولا في أيمانه . وفي ذلك دليل على بطلان قولهم وتناقض مذهبهم . قوله عز وجل : ( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ) روي عن سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد والشعبي وطاوس : ( إذا ما دعوا لإقامتها ) . وعن قتادة والربيع بن أنس : ( إذا دعوا لإثبات الشهادة في الكتب ) . وقال ابن عباس والحسن : ( هو على الأمرين جميعا من إثباتها في الكتاب وإقامتها بعد علم الحاكم ) . قال أبو بكر : الظاهر أنه عليهما جميعا لعموم اللفظ هو ، في الابتداء على إثبات الشهادة ، كأنه قال : إذا دعوا لإثبات شهاداتهم في الكتاب : ولا خلاف أنه ليس على الشهود الحضور عند المتعاقدين ، وإنما على المتعاقدين أن يحضرا عند الشهود ، فإذا أحضرهم وسألاهم إثبات شهاداتهم في الكتاب فهذه الحال هي المرادة بقوله : ( إذا ما دعوا ) لإثبات الشهادة ، وأما إذا ما أثبتا شهادتهما ثم دعيا لإقامتها عند الحاكم ، فهذا الدعاء هو كحضورهما عند الحاكم ، لأن الحاكم لا يحضر عند الشاهدين ليشهدا عنده وإنما الشهود عليهم الحضور عند الحاكم . فالدعاء الأول إنما هو لإثبات الشهادة في الكتاب ، والدعاء والثاني لحضورهم عند الحاكم وإقامة الشهادة عنده . وقوله تعالى : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم ) يجوز أن يكون أيضا على الحالين من الابتداء والإقامة لها عند الحاكم ، وقوله تعالى : ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) لا يدل على أن
630
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 630