نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 614
الطاعة ولم يقدم على كبيرة فهو عدل ) . فأما شرط المروءة فإن أراد به التصاون والصمت والحسن وحفظ الحرمة وتجنب السخف والمجون فهو مصيب ، وإن أراد به نظافة الثوب وفراهة المركوب وجودة الآلة والشارة الحسنة ، فقد أبعد وقال غير الحق ، لأن هذه الأمور ليست من شرائط الشهادة عند أحد من المسلمين . قال أبو بكر : جميع ما قدمنا من ذكر أقاويل السلف وفقهاء الأمصار واعتبار كل واحد منهم في الشهادة ما حكينا عنه ، يدل على أن كلا منهم بنى قبول أمر الشهادة على ما غلب في اجتهاده واستولى على رأيه أنه ممن يرضى ويؤتمن عليها . وقد اختلفوا في حكم من لم تظهر منه ريبة هل يسأل عنه الحاكم إذا شهد ؟ فروي عن عمر بن الخطاب في كتابه الذي كتبه إلى أبو موسى في القضاء : ( والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو مجربا عليه شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو قرابة ) . وقال منصور : قلت لإبراهيم : وما العدل في المسلمين ؟ قال : من لم تظهر منه ريبة . وعن الحسن البصري والشعبي مثله . وذكر معمر عن أبيه قال : لما ولي الحسن القضاء كان يجيز شهادة المسلمين ة إلا له أن يكون الخصم يجرح الشاهد . وذكر هشيم قال : سمعت ابن شبرمة يقول : ( ثلاث لم يعمل بهن أحد قبلي ولن يتركهن أحد بعدي : المسألة عن الشهود ، وإثبات حجج الخصمين ، وتحلية الشهود في المسألة ) . وقال أبو حنيفة : ( لا أسأل عن الشهود إلا أن يطعن فيهم الخصم المشهود عليه ، فإن طعن فيهم سألت عنهم في السر والعلانية وزكيتهم في العلانية ، إلا شهود الحدود والقصاص فإني أسأل عنهم في السر وأزكيهم في العلانية ) . وقال محمد : ( يسأل عنهم وإن لم يطعن فيهم ) . وروى يوسف بن موسى القطان عن علي بن عاصم عن ابن شبرمة قال : ( أول من سأل في السر أنا ، كان الرجل يأتي القوم إذا قيل له : هات من يزكيك ، فيقول : قومي يزكونني ، فيستحي القوم فيزكونه ، فلما رأيت ذلك سألت في السر ، فإذا صحت شهادته قلت : هات من يزكيك في العلانية ) . وقال أبو يوسف ومحمد : ( يسأل عنهم في السر والعلانية ويزكيهم في العلانية وإن لم يطعن فيهم الخصم ) . وقال مالك بن أنس : ( لا يقضي بشهادة الشهود حتى يسأل عنهم في السر ) . وقال الليث : ( أدركت الناس ولا تلتمس من الشاهدين تزكية وإنما كان الوالي يقول للخصم : إن كان عندك من يجرح شهادتهم فأت به وإلا أجزنا شهادته عليك ) . وقال الشافعي : يسأل عنهم في السر فإذا عدل سأل عن تعديله علانية ليعلم أن المعدل هو هذا لا يوافق اسم اسما ولا نسب نسبا ) . قال أبو بكر : ومن قال من السلف بتعديل من ظهر إسلامه فإنما بنى ذلك على ما كانت عليه أحوال الناس من ظهور العدالة في العامة وقلة الفساق فيهم ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم
614
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 614