responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 596


رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبتاع وفي عقدته ضعف ، فأتى به أهله نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا نبي الله احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف ! فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه عن البيع ، فقال : يا نبي الله إني لا أصبر عن البيع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن كنت غير تارك البيع فقال ها وها ولا خلابة ) . فذكر في الحديث الأول أنه كان يخدع في البيع ، فلم يمنع من التصرف ولم يحجر عليه ، ولو كان الحجر واجبا لما تركه النبي صلى الله عليه وسلم والبيع وهو مستحق المنع منه .
فإن قال قائل : فقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا بايعت فقل لا خلابة ) فإنما أجاز له البيع على شريطة استيفاء البدل من غير مغابنة . قيل له : فليرض القائلون بالحجر منا على ما رضيه النبي صلى الله عليه وسلم لهذا السفيه الذي كان يخدع في البيع ، وليس أحد من الفقهاء يشترط ذلك على السفهاء لا من القائلين بالحجر ولا من نفاته ، لأن من يرى الحجر يقول : ( يحجر عليه الحاكم ويمنعه من التصرف ) ولا يرون إطلاق التصرف له مع التقدمة إليه بأن يقول عند البيع ( لا خلابة ) ومبطلو أي الحجر يجيزون تصرفه على سائر الأحوال ، فقد ثبت بدلالة هذا الخبر بطلان الحجر على السفيه بعد أن يكون عاقلا . وأيضا فإن جازت الثقة به في ضبط هذا الشرط وذكره عند سائر المبايعات ، فقد تجوز الثقة به في ضبط عقود المبايعات ونفي المغابنات عنها . واللفظ الذي في هذا الخبر من قوله : ( إذا بايعت فقل لا خلابة ) يستقيم على مذهب محمد ، فإنه يقول : ( إن السفيه إذا بلغ فرفع أمره إلى الحاكم أجاز من عقوده ما لم تكن فيه مغابنة وضرر ) فأما سائر من يرى الحجر فإنه لا يعتبر ذلك .
قال أبو بكر : ويجوز أن يقال إن مذهب محمد أيضا مخالف للأثر ، لأن محمدا لا يجيز بيع المحجور عليه إلا أن يرفع إلى القاضي فيجيزه فجعله بيعا موقوفا كبيع أجنبي لو باع عليه بغير أمره ، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل بيع الرجل الذي قال له : ( إذا بايعت فقل لا خلابة ) موقوفا ، بل جعله جائزا نافذا إذا قال : ( لا خلابة ) فصار مذهب مثبتي الحجر مخالفا لهذا الأثر . وأما حديث أنس فإنه يحتج به الفريقان جميعا ، فأما مثبتو الحجر فإنهم يحتجون بأن أهله أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا نبي الله احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف ! فلم ينكره عليهم ، بل نهاه عن البيع ، ولما قال ( لا أصبر عن البيع ) قال :
( إذا بايعت فقل لا خلابة ) فأطلق له البيع على شريطة نفي التغابن فيه . وأما مبطلوه فإنهم يستدلون بأنه لما قال ( إني لا أصبر عن البيع ) أطلق له النبي صلى الله عليه وسلم التصرف وقال له : ( إذا بعت فقل لا خلابة ) فلو كان الحجر واجبا لما كان قوله ( لا أصبر عن البيع ) مزيلا للحجر عنه ، لأن أحدا من موجبي الحجر لا يرفع الحجر عنه لفقد صبره عن البيع . وكما أن الصبي والمجنون المستحقين للحجر عند الجميع لو قالا ( لا نصبر عن البيع ) لم يكن هذا القول منهما مزيلا للحجر عنهما ، ولما قيل لهما ( إذا بايعتما فقولا لا خلابة ) . وفي

596

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 596
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست