نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 591
هو فليملل وليه بالعدل ) قد احتج كل فريق من موجبي الحجر على السفيه ومن مبطليه بهذه الآية ، فاحتج مثبتوا الحجر للسفيه بقوله تعالى : ( فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل ) فأجاز لولي السفيه الإملاء عنه ، واحتج مبطلو الحجر بما في مضمون الآية من جواز مداينة السفيه بقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) إلى قوله تعالى : ( فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا ) فأجاز مداينة السفيه وحكم بصحة إقراره في مداينته ، وإنما خالف بينه وبين غيره في إملاء الكتاب لقصور فهمه عن استيفاء ماله وعليه مما يقتضيه شرط الوثيقة . وقالوا : إن قوله تعالى : ( فليملل وليه بالعدل ) إنما المراد به ولي الدين ، وقد روي ذلك عن جماعة من السلف ، قالوا : وغير جائز أن يكون المراد به ولي السفيه على معنى الحجر عليه وإقراره بالدين عليه ، لأن إقرار ولي المحجور عليه غير جائز عليه عند أحد ، فعلمنا أن المراد ولي الدين ، فأمر بإملاء الكتاب حتى يقر به المطلوب الذي عليه الدين . قال أبو بكر : اختلف السلف في السفيه المراد بالآية ، فقال قائلون منهم : ( هو الصبي ) وروي ذلك عن الحسن في قوله تعالى : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) [ النساء : 5 ] قال : ( الصبي والمرأة ) . وقال مجاهد : ( النساء ) . وقال الشعبي : ( لا تعطى الجارية مالها وإن قرأت القرآن والتوراة ) . وهذا محمول على التي لا تقوم بحفظ المال ، لأنه لا خلاف أنها إذا كانت ضابطة لأمرها حافظة لمالها دفع إليها إذا كانت بالغا قد دخل بها زوجها . وقد روي عن عمر أنه قال : ( لا تجوز لامرأة مملكة عطية حتى تحيل في بيت زوجها حولا أو تلد بطنا ) وروي عن الحسن مثله . وقال أبو الشعثاء : ( لا تجوز لامرأة عطية حتى تلد أو يؤنس رشدها ) وعن إبراهيم مثله . وهذا كله محمول على أنه لم يؤنس رشدها ، لأنه لا خلاف أن هذا ليس بحد في استحقاق دفع المال إليها ، لأنها لو أحالت حولا في بيت زوجها وولدت بطونا وهي غير مؤنسة للرشد ولا ضابطة لأمرها لم يدفع إليها مالها ، فعلمنا أنهم إنما أرادوا ذلك فيمن لم يؤنس رشدها . وقد ذكر الله تعالى السفه في مواضع : منها ما أراد به السفه في الدين ، وهو الجهل به ، في قوله تعالى : ( ألا إنهم هم السفهاء ) [ البقرة : 13 ] وقوله تعالى : ( سيقول السفهاء من الناس ) [ البقرة : 142 ] فهذا هو السفه في الدين ، وهو الجهل والخفة ، وقال تعالى : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) [ النساء : 5 ] فمن الناس من تأوله على أموالهم كما قال تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) [ النساء : 29 ] يعني : لا يقتل بعضكم بعضا . وقال تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) [ البقرة : 54 ] والمعنى : ليقتل بعضكم بعضا . وهذا الذي
591
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 591