responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 592


ذكره هذا القائل عدول عن حقيقة اللفظ وظاهره بغير دلالة ، لأن قوله تعالى : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) [ النساء : 5 ] يشتمل على فريقين من الناس كل واحد منهما مميز في اللفظ من الآخر ، وأحد الفريقين هم المخاطبون بقوله تعالى : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) [ النساء : 5 ] والفريق الآخر السفهاء المذكورون معهم ، فلما قال تعالى :
( أموالكم ) [ النساء : 5 ] وجب أن ينصرف ذلك إلى أموال المخاطبين دون السفهاء ، وغير جائز أن يكون المراد السفهاء لأن السفهاء لم يتوجه الخطاب إليهم بشئ وإنما توجه إلى العقلاء المخاطبين ، وليس ذلك كقوله تعالى : ( فاقتلوا أنفسكم ) [ البقرة : 54 ] وقوله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) [ النساء : 29 ] لأن القاتلين والمقتولين قد انتظمهم خطاب واحد لم يتميز أحد الفريقين من الآخر في حكم المخاطبة ، فلذلك جاز أن يكون المراد : فليقتل بعضكم بعضا .
وقد قيل إن أصل السفه الخفة ، ومن ذلك قول الشاعر :
مشين كما اهتزت رماح تسفهت * أعاليها مر الرياح النواسم يعني : استخفتها الرياح . وقال آخر :
نخاف أن تسفه أحلامنا * فنحمل الدهر مع الحامل أي : تخف أحلامنا .
ويسمى الجاهل سفيها . لأنه خفيف العقل ناقصه ، فمعنى الجهل شامل لجميع من أطلق اسم السفيه . والسفيه في أمر الدين هو الجاهل فيه ، والسفيه في المال هو الجاهل لحفظه وتدبيره ، والنساء والصبيان أطلق عليهم اسم السفهاء لجهلهم ونقصان تمييزهم ، والسفيه في رأيه الجاهل فيه والبذي اللسان يسمى سفيها لأنه لا يكاد يتفق إلا في جهال الناس ومن كان خفيف العقل منهم . وإذا كان اسم السفيه ينتظم هذه الوجوه رجعنا إلى مقتضى لفظ الآية في قوله تعالى : ( فإن كان الذي عليه الحق سفيها ) فاحتمل أن يريد به الجهل بإملاء الشرط وإن كان عاقلا مميزا غير مبذر ولا مفسد ، وأجاز لولي الحق أن يمليه حتى يقر به السفيه الذي عليه الحق ، ويكون ذلك أولى بمعنى الآية ، لأن الذي عليه الحق هو المذكور في أول الآية بالمداينة ، ولو كان محجورا عليه لما جازت مداينته . ومن جهة أخرى أن ولي المحجور عليه لا يجوز إقراره عليه بالدين ، وإنما يجوز على قول من يرى الحجر أن يتصرف عليه القاضي ببيع أو شرى ، فأما وليه فلا نعلم أحدا يجيز تصرف أوليائه عليه ولا إقرارهم ، وفي ذلك دليل على أنه لم يرد ولي السفيه وإنما أراد ولي الدين . وقد روي ذلك عن الربيع بن أنس وقاله الفراء أيضا .

592

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 592
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست