responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 576


وقع في يده مثل المهر والجعل من الخلع والصلح من دم العمد والكفالة ، لم يحبسه به حتى يثبت وجوده وملاؤه . وقال ابن أبي ليلى : ( يحبسه في الديون إذا أخبر أن عنده مالا ) . وقال مالك : ( لا يحبس الحر ولا العبد في الدين ولا يستبرأ أمره ، فإن اتهم أنه قد خبأ مالا حبسه ، وإن لم يجد له شيئا لم يحبسه وخلاه ) . وقال الحسن بن حي : ( إذا كان موسرا حبس ، وإن كان معسرا لم يحبس ) . وقال الشافعي : ( إذا ثبت عليه دين بيع ما ظهر ودفع ولم يحبس ، فإن لم يظهر حبس وبيع ما قدر عليه من ماله ، فإن ذكر عسره وقبلت منه البينة بقوله تعالى : ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) وأحلفه مع ذلك بالله ومنع غرماءه من لزومه ) .
قال أبو بكر : إنما قال أصحابنا ( إنه يحبسه في أول ما ثبت عند القاضي دينه ) لما دللنا عليه من الآية والأثر على كونه ظالما في الامتناع من قضاء ما ثبت عليه وأنه مستحق للعقوبة متى امتنع من أداء ما وجب عليه ، فالواجب بقاء العقوبة عليه حتى يثبت زوالها عنه بالإعسار . فإن قيل : إنما يكون ظالما إذا امتنع من أدائه مع الإمكان ، لأن الله تعالى لا يذمه على ما لم يقدره عليه ولم يمكنه منه ، ولذلك شرط النبي صلى الله عليه وسلم الوجود في استحقاق العقوبة بقوله : ( لي الواجد يحل عرضه وعقوبته ) وإذا كان شرط استحقاق العقوبة وجود المال الذي يمكنه أداؤه منه ، فغير جائز حبسه وعقوبته إلا بعد أن يثبت أنه واجد ممتنع من أداء ما وجب عليه ، وليس ثبوت الدين عليه علما لإمكان أدائه على الدوام ، إذ جائز أن يحدث الإعسار بعد ثبوت الدين . قيل له : أما الديون التي حصلت إبدالها في يده فقد علمنا يساره بأدائها يقينا ولم نعلم إعساره بها ، فوجب كونه باقيا على حكم اليسار والوجود حتى يثبت الإعسار . وأما ما كان لزمه منها من غير بدل حصل في يده يمكنه أداؤه منه ، فإن دخوله في العقد الذي ألزمه ذلك اعتراف منه بلزوم أدائه ، وتوجه المطالبة عليه بقضائه ، ودعواه الإعسار به بمنزلة دعوى التأجيل للموسر فهو غير مصدق عليه ، ولذلك سوى أصحابنا بين الديون التي قد علم حصول إبدالها في يده وبين ما لم تحصل في يده ، إذ كان دخوله في العقد الموجب عليه ذلك الدين اعترافا منه بلزوم الأداء وثبوت حق المطالبة للمطالب ، وذلك لأن كل متعاقدين دخلا في عقد فدخولهما فيه اعتراف منهما بلزوم موجب العقد من الحقوق ، وغير مصدق بعد العقد واحد منهما على نفي موجبه ، ومن أجل ذلك قلنا إن ذلك يقتضي اعترافا منهما بصحته ، إذ كان ذلك مضمنا للزوم حقوقه ، وفي تصديقه على فساده نفي ما لزمه بظاهر العقد ، ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في أن مدعي الفساد منهما بعد وقوع العقد بينهما وصحته في الظاهر غير مصدق عليه وأن القول قول مدعي الصحة منهما ، وفي ذلك دليل على صحة ما ذكرنا من

576

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 576
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست